لم أره منذ أكثر من عقد ..وحين التقينا في أحد المؤتمرات مصادفة ، صاح زميلي فرحا برؤيتي وإحدى زميلاتي :" أهلا بزميلات الزمن الجميل " ...بعد تبادل التحية وآخر أخبارنا ، فوجئت بزميلتي تطالب زميلنا القديم بعدم الإشارة الى الزمن الجميل في حديثه معنا فهذه تهمة جاهزة لانريد ان تلتصق بنا .."أية تهمة هذه ؟" لماذا يجب أن نعتبر الزمن الماضي قبيحاً لأنه يقترن بسنوات الدكتاتورية ..واذا كان الزمن قبيحاً وقتها فهل كانت سلوكياتنا ومشاعرنا وعلاقاتنا قبيحة ايضا ؟ ربما هو العكس تماما ولهذا نشعر بالحنين الى الماضي ..الى ايام لم تكن فيها وسائل التواصل الاجتماعي موجودة لكن التواصل الاجتماعي كان موجودا ...الى أيام كنا نتناقش فيها دون شد وتوتر وانحياز طائفي ..كنا متفقين على ان بلدنا يقع تحت رحمة دكتاتورية مقيتة حتى لو لم نناقش ذلك علناً وكان وجعنا الموحد يقرّب فيما بيننا ويوحدنا انتظار الخلاص..
قبل ايام ، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً يصافح فيه نيلسون مانديلا القاضي الذي حكم عليه بالسجن لمدة 27 عاماً ..لم يقتله او يفجرسيارته ولم يطلب تعويضاً عن سنوات سجنه او يعمل على اجتثاثه ..لقد عمل مانديلا على تأسيس دولة محترمة وأعطى درساً للتاريخ في ثقافة التسامح وبناء الأوطان ..
وقبل أيام ايضا ، شاهدت في برنامج حواري اساتذة جامعيين يبثّون شكواهم بسبب اجتثاثهم حسب إجراءات قانون المساءلة والعدالة رغم انهم كانوا أساتذة جامعيين في الزمن الماضي ومازالوا يمارسون نفس المهنة ..لم يكتبوا تقاريرَ حزبية (تكسر رقاب ) زملائهم أو يمارسوا مهامَّ ( بعثية ) يثبتون بها ولاءهم للحزب والقائد ..كانوا فقط يحملون صفة ( بعثي ) التي لم يفلت منها إلا نزر يسير من العراقيين فأغلب مؤسسات الدولة كانت ( مغلقة) مايعني انتماء جميع أعضائها الى الحزب الواحد حتى لو لم ينتموا له بقناعاتهم ورغبتهم ..لقد شكا الأساتذة من استبعادهم خلال فترة دراسة الطلبة وامتحاناتهم ومناقشة بحوثهم ماسيضر بالطلبة خاصة وان لبعض الأساتذة المستبعدين تخصصات نادرة يصعب تعويضها ، لذا قررعدد منهم مواصلة الدوام تطوعاً لإتمام واجبهم تجاه طلبتهم !!
في الستينات ، بلغت سنغافورة مرحلة قاسية من الفقر والمرض والفساد والجريمة حيث اشترى البعض مناصب الدولة بأموالهم ، واحتكر قادة الدفاع الاراضي والزرع ، وباع القضاة احكامهم ، وقتها قال الجميع :الاصلاح مستحيل ، فيما التفت مؤسسها لي كوان يو الى المعلمين ، وكانوا في بؤس وازدراء فمنحهم أعلى الأجور ، وقال لهم : انا سأبني لكم اجهزة الدولة ، وانتم تبنون لي الانسان !!
بهذه الطريقة يبني رجال السياسة بلدانهم ..ببناء الانسان فيها قبل كل شيء وليس بإلقاء التهم عليه لحنينه الى زمن مضى او باجتثاثه والإضرار بأهم مفاصل الدولة..نحتاج إذن الى تسامح مانديلا وذكاء لي كوان يو لنستعيد جمال أرواحنا قبل بلدنا وليصبح زمننا جميلاً بتعانق قلوبنا وتوحد افكارنا ومصيرنا ولندرك يوما ان العقاب يجب أن يقع على من يستحقه فعلا من الملوثة أيديهم بالدماء او بالفساد...
تهمة ..الزمن الجميل
[post-views]
نشر في: 27 مايو, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 4
حرث الجاسم
السلام عليكم الرجاء تزويدنا باسماء واماكن عمل الاساتذة المفصولين حسب ادعاء الزميلة كاتبة العمود ليتسنى لنا توضيح الامر حارث الجاسم مدير قسم الاعلام هيئة المساءلة والعدالة
عدوية الهلالي
السلام عليكم ..اعتدنا نحن كتاب المدى ان نكتب قضايا تمس نبض الشارع بالاستناد على ثوابت حقيقية فهي مسؤوليتنا تجاه القاريء وتجاه مطبوعنا ..فيما يخص قضية الاساتذة الجامعيين الذين تحدثت عنهم في مقالي فقد طرحت قضيتهم احدى القنوات الفضائية قبل كتابة مقالي وتحدث
حرث الجاسم
السلام عليكم الرجاء تزويدنا باسماء واماكن عمل الاساتذة المفصولين حسب ادعاء الزميلة كاتبة العمود ليتسنى لنا توضيح الامر حارث الجاسم مدير قسم الاعلام هيئة المساءلة والعدالة
عدوية الهلالي
السلام عليكم ..اعتدنا نحن كتاب المدى ان نكتب قضايا تمس نبض الشارع بالاستناد على ثوابت حقيقية فهي مسؤوليتنا تجاه القاريء وتجاه مطبوعنا ..فيما يخص قضية الاساتذة الجامعيين الذين تحدثت عنهم في مقالي فقد طرحت قضيتهم احدى القنوات الفضائية قبل كتابة مقالي وتحدث