TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تهمة ..الزمن الجميل

تهمة ..الزمن الجميل

نشر في: 27 مايو, 2016: 09:01 م

لم أره منذ أكثر من عقد ..وحين التقينا في أحد المؤتمرات مصادفة ، صاح زميلي فرحا برؤيتي وإحدى زميلاتي :" أهلا بزميلات الزمن الجميل " ...بعد تبادل التحية وآخر أخبارنا ، فوجئت بزميلتي تطالب زميلنا القديم  بعدم الإشارة الى الزمن الجميل في حديثه معنا فهذه تهمة جاهزة لانريد ان تلتصق بنا .."أية تهمة هذه ؟" لماذا يجب أن نعتبر الزمن الماضي قبيحاً لأنه يقترن بسنوات الدكتاتورية ..واذا كان الزمن قبيحاً وقتها فهل كانت سلوكياتنا ومشاعرنا وعلاقاتنا قبيحة ايضا ؟ ربما هو العكس تماما ولهذا نشعر بالحنين الى الماضي ..الى ايام لم تكن فيها وسائل التواصل الاجتماعي موجودة لكن التواصل الاجتماعي كان موجودا ...الى أيام كنا نتناقش فيها دون شد وتوتر وانحياز طائفي ..كنا متفقين على ان بلدنا يقع تحت رحمة دكتاتورية مقيتة حتى لو لم نناقش ذلك علناً وكان وجعنا الموحد يقرّب فيما بيننا ويوحدنا انتظار الخلاص..
قبل ايام ، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً يصافح فيه نيلسون مانديلا القاضي الذي حكم عليه بالسجن لمدة 27 عاماً ..لم يقتله او يفجرسيارته ولم يطلب تعويضاً عن سنوات سجنه او يعمل على اجتثاثه ..لقد عمل مانديلا على تأسيس دولة محترمة وأعطى درساً للتاريخ في ثقافة التسامح وبناء الأوطان ..
وقبل أيام ايضا ، شاهدت في برنامج حواري اساتذة جامعيين يبثّون شكواهم بسبب اجتثاثهم حسب إجراءات قانون المساءلة والعدالة رغم انهم كانوا أساتذة جامعيين في الزمن الماضي ومازالوا يمارسون نفس المهنة ..لم يكتبوا تقاريرَ حزبية (تكسر رقاب ) زملائهم أو يمارسوا مهامَّ ( بعثية ) يثبتون بها ولاءهم للحزب والقائد ..كانوا فقط يحملون صفة ( بعثي ) التي لم يفلت منها إلا نزر يسير من العراقيين فأغلب مؤسسات الدولة كانت ( مغلقة) مايعني انتماء جميع أعضائها الى الحزب الواحد حتى لو لم ينتموا له بقناعاتهم ورغبتهم ..لقد شكا الأساتذة من استبعادهم خلال فترة دراسة الطلبة وامتحاناتهم ومناقشة بحوثهم ماسيضر بالطلبة خاصة وان لبعض الأساتذة المستبعدين تخصصات نادرة يصعب تعويضها ، لذا قررعدد منهم مواصلة الدوام تطوعاً لإتمام واجبهم تجاه طلبتهم !!
في الستينات ، بلغت سنغافورة مرحلة قاسية من الفقر والمرض والفساد والجريمة حيث اشترى البعض مناصب الدولة بأموالهم ، واحتكر قادة الدفاع الاراضي والزرع ، وباع القضاة احكامهم ، وقتها قال الجميع :الاصلاح مستحيل ، فيما التفت مؤسسها لي كوان يو الى المعلمين ، وكانوا في بؤس وازدراء فمنحهم أعلى الأجور ، وقال لهم : انا سأبني لكم اجهزة الدولة ، وانتم تبنون لي الانسان !!
بهذه الطريقة يبني رجال السياسة بلدانهم ..ببناء الانسان فيها قبل كل شيء وليس بإلقاء التهم عليه لحنينه الى زمن مضى او باجتثاثه والإضرار بأهم مفاصل الدولة..نحتاج إذن الى تسامح مانديلا وذكاء لي كوان يو لنستعيد جمال أرواحنا قبل بلدنا وليصبح زمننا جميلاً بتعانق قلوبنا وتوحد افكارنا ومصيرنا ولندرك يوما ان العقاب يجب أن يقع على من يستحقه فعلا من الملوثة أيديهم بالدماء او بالفساد...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. حرث الجاسم

    السلام عليكم الرجاء تزويدنا باسماء واماكن عمل الاساتذة المفصولين حسب ادعاء الزميلة كاتبة العمود ليتسنى لنا توضيح الامر حارث الجاسم مدير قسم الاعلام هيئة المساءلة والعدالة

  2. عدوية الهلالي

    السلام عليكم ..اعتدنا نحن كتاب المدى ان نكتب قضايا تمس نبض الشارع بالاستناد على ثوابت حقيقية فهي مسؤوليتنا تجاه القاريء وتجاه مطبوعنا ..فيما يخص قضية الاساتذة الجامعيين الذين تحدثت عنهم في مقالي فقد طرحت قضيتهم احدى القنوات الفضائية قبل كتابة مقالي وتحدث

  3. حرث الجاسم

    السلام عليكم الرجاء تزويدنا باسماء واماكن عمل الاساتذة المفصولين حسب ادعاء الزميلة كاتبة العمود ليتسنى لنا توضيح الامر حارث الجاسم مدير قسم الاعلام هيئة المساءلة والعدالة

  4. عدوية الهلالي

    السلام عليكم ..اعتدنا نحن كتاب المدى ان نكتب قضايا تمس نبض الشارع بالاستناد على ثوابت حقيقية فهي مسؤوليتنا تجاه القاريء وتجاه مطبوعنا ..فيما يخص قضية الاساتذة الجامعيين الذين تحدثت عنهم في مقالي فقد طرحت قضيتهم احدى القنوات الفضائية قبل كتابة مقالي وتحدث

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram