الأزمات في العراق تتناسل نتيجة غياب الحلول جراء عجز النخب السياسية عن بلورة اتفاق موحد يمكن ان يعيد ثقة العراقيين بإمكانية الوصول الى حلحلة المشاكل المستعصية ، لتفادي تداعياتها على الأوضاع الأمنية و الاقتصادية . منذ اعلان رغبة الحكومة في تحقيق الاصلاح انفتحت بوابات جهنم ، انقسام داخل البرلمان ادى الى تعطيل عمله ، السلطة التنفيذية تصيح وتستريح بأنها جادة في تلبية مطالب المتظاهرين ، شددت الإجراءات الأمنية لمنع تكرار اقتحام المنطقة الخضراء المحصنة لتوفير بيئة ملائمة لعقد جلسة مجلس النواب ، المحكمة الاتحادية تلعب في الوقت الضائع لإحراز هدف ذهبي في مرمى الكتل النيابية ، يجعلها تعترف بالنتيجة حين يطلق الحكم صفارة نهاية المباراة .
الحكومة دعت القوى السياسية الى استثمار نتائج معركة تحرير الفلوجة لتسوية خلافاتها معربة عن املها في العمل ضمن فريق واحد لإنجاز التعديل الوزاري بوصفه الخطوة الاولى ضمن سلسلة طويلة من الاجراءات المتعلقة بتحقيق الاصلاح ، زعماء سياسيون استجابوا لدعوة الحكومة عبر بيانات او زيارة ساحة المعركة للاطلاع على مجرياتها ، بصرف النظر عن التفسيرات المتباينة لإصرار بعض الزعماء على ان يكون في غرفة العمليات ، المشهد يكشف عن رغبة كثيرين في تسخير جهودهم انطلاقا من الشعار القديم "كل شيء من اجل المعركة" لتحقيق النصر الناجز ، تم التمهيد لمرحلة حلحلة الأزمات طبقا لما ورد في وثيقة الاصلاح السياسي الموقعة بين الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية.
على المستوى الشعبي استطاعت معركة تحرير الفلوجة توحيد رغبة معظم العراقيين في القضاء نهائيا على تنظيم داعش ، ثم التحرك لإعمار المدن المحررة لإنهاء معاناة ملايين النازحين بالعودة الى مناطق سكنهم، مع استعداد المهجّرين قسراً لنقل خيمهم الى منازلهم المدمرة منتظرين تنفيذ إجراءات التعويض عن الاضرار ، حين تتمكن الحكومة من تجاوز ازمتها المالية ، بمساعدة الدول المانحة .
على إيقاع الأهازيج لرفع معنويات المقاتلين انتقلت الحماسة الثورية الى زعماء القوى السياسية فأجلوا الخوض في تفاصيل خلافاتهم ، استعادوا أمجاد أجدادهم في مواجهة الاحتلال الأجنبي بأسلحة بدائية لكنها ،بالعزيمة والثبات على المبادئ ، حققت المعجزات في التاريخ الحديث . انطلاقا من هذا الإرث النضالي لتحشيد جهود الطبقة السياسية للخلاص من تنظيم داعش ، وتحرير جميع المدن العراقية الخاضعة لسيطرته ، تستوجب المرحلة استحداث دائرة تجنيد في المنطقة الخضراء ، تتولى مهمة ارسال زعماء القوى السياسية واعضاء مجلس النواب الى معسكر التدريب في التاجي لتشكيل فوج مشاة قتالي يتقدم الصفوف اثناء تنفيذ صولة اقتحام الفلوجة .
الفوج القتالي سيواجه مشاكل إدارية تتعلق باختيار الآمر ومساعده وأمراء السرايا والفصائل، فأغلب المنتسبين من أصحاب الخدمة الجهادية يعتقدون بأنهم يمتلكون الحق في حمل الرتب العسكرية العالية ، وسط اعتراض الآخرين، فتندلع أزمة سياسية جديدة ، لتجاهل اعتماد ما يعرف بالتوازن ستحرم الفوج من قيادة الصولة .
ضابط تجنيد الخضراء
[post-views]
نشر في: 27 مايو, 2016: 09:01 م