تقترب معركة الحسم في الفلوجة لتُزيح فصلاً فاجعاً في العملية السياسية، كان أبطاله الميامين رموز الفساد وتفكيك المجتمع العراقي ودعاة الفصل الطائفي، فما تحقق من تقدّمٍ ميداني على خطوط المواجهة مع داعش، لا يعود الفضل فيه إلى القيادات المتنمّرة التي كانت منذ استيلائها على مقاليد الحكم، في لحظة غفلةِ وسباتِ الوعي الشعبي، في أساس ما حلّ بالبلاد من نكباتٍ وأزماتٍ وشقاقٍ، كانت نتيجته المباشرة تسلُّل داعش إلى البيئة السياسية الهشّة وهيمنته العسكرية على ثُلث مساحة العراق وسكّانه. فاقمت تلك النتيجة الكارثية الأزمات التي ألمّتْ بالبلاد، وانحدرتْ بها إلى مدياتٍ أقرب ما تكون فيه إلى شِبه "لا دولة فاشلة" على شفا عجزٍ ماليٍّ يُنذر بعواقب أشدّ على المواطن العراقي ومصدر رزقه.
وليس أدلّ من عُزلة هؤلاء الساسة عن معارك الفلوجة وما تُحققه القوّات المسلّحة فيها على داعش،من انشغالاتهم في الصراع في ما بينهم ومكوّنات كُتلِهم، الشيعة قبل السنّة، والتطاحن "الدونكيشوتي" من أجل ليِّ الأذرع وفرض الإرادات وتبادل المواقع في مراكز السلطة، بهدف التنفيس عن الغضب الشعبي وإجهاض حركته الاحتجاجية المُطالِبة بالإصلاح والتغيير.
وقد نجحتْ تلك المناورات، بتعطيل البرلمان وانشغال الرئاسات الثلاث وقادة الكتل البرلمانية في الحوار لإنهاء توقّف السلطة التشريعية عن القيام بمهامها. لكنَّ العودة الميمونة للبرلمانيين إلى مجلسهم المُعطَّل، صارت في جانبٍ منها رهنَ قرارٍ من المحكمة الاتحادية حول شرعية الانقلابيَنِ اللذينِ أطاح أحدهما رئاسة البرلمان وذلك الذي كرّس شرعيّتها فمرّرتْ بالتصويت المختزل خمسة وزراء من كابينة العبادي وشركائه مختبئينَ في ظرفه المغلق.! لكنَّ رموز الفساد والرثاثة السياسية،كما يبدو، لا يريدون التوقّف عند هذا الحدّ ممّا لحق بالبلاد من تدهور وبلاء، ولا يكتفون بما حقّقوه بالخديعة وذرّ الرماد من إجهاضٍ لعملية الإصلاح وملاحقة الفاسدين الذين صار البعض منهم "واجهة مُستَفِزَّة للإصلاح" في البرلمان وخارجه، بل يحاولون الوثوب إلى صدارة المشهد على مداخل الفلوجة المنكوبة، ليُعيدوا بمجرّد وجودهم هناك كلّ ما من شأنه التذكير بالشحن الطائفي والأسباب التي كانت وراء وثوب داعش من طيّات المحن والفواجع التي سبّبتها ضغائن الكراهية والقتل على الهويّة والمواجهات الطائفية المقيتة.
إنَّ ظهور قياداتٍ ارتبطتْ أدوارها بالشحن الطائفي والحثّ على الضغينة ورفض الآخر على بوّابات الفلوجة محاولة خبيثة للتشويش على ما ينبغي أن تكون عليه الأوضاع السياسية بعد هزيمة داعش.
وهذا الظهور الاستعراضي الاستفزازي يضع القائد العام للقوات المسلحة أمام المسؤولية والتساؤل: ما الذي يفعله هؤلاء في ميدان المعركة، ولماذا..؟
رموزُ الضغينة تحجبُ العَلَم العراقيّ أمام بوّابات الفلّوجة
[post-views]
نشر في: 27 مايو, 2016: 06:23 م
جميع التعليقات 2
خليلو...
حسنا فعلت حين عدت الى الكتابة لتنذر الذين كانوا السبب فيما نحن فيه إذ تدعو رئيس الوزراء لمنع المصائب التي ستحدث بعد تحرير الفلوجة ..فهلا قرأ ماكتبت اليوم !
خليلو...
حسنا فعلت حين عدت الى الكتابة لتنذر الذين كانوا السبب فيما نحن فيه إذ تدعو رئيس الوزراء لمنع المصائب التي ستحدث بعد تحرير الفلوجة ..فهلا قرأ ماكتبت اليوم !