TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > " القيافةُ " العسكريّةُ هل تدلُّ على "الدرايةِ" في إدارةِ العمليّاتِ الحربيّة؟

" القيافةُ " العسكريّةُ هل تدلُّ على "الدرايةِ" في إدارةِ العمليّاتِ الحربيّة؟

نشر في: 28 مايو, 2016: 06:10 م

الرؤساء في الأنظمة الرئاسية، مثل أوباما والرئيس الفرنسي وغيرهما من قادة دول حلف الأطلسي، يتولّون بحكم مسؤولياتهم الرئاسية منصب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، وهم يُقرّرون ( يوافقون على) شنّ الحروب والغزوات ويُوقّعون على المراسيم العسكريّة الخاصة، لكنهم يعرفون أنَّ هذا المنصب "السيادي" لا علاقة له بالعسكرتاريا كما يفهمها رؤساء الدول
"المصرّة" على التخلّف، مثل دولتنا الفاشلة بامتياز، بل هو منصب سياسي يتمتّع بالصلاحيات العليا الخاصة بستراتيجيّات القوات المسلحة التي تُخطط لها وتُحدّدها القيادة العليا العسكرية وهيئة الأركان، ويُفترض أنها تضمّ أكبر العقول والكفاءات والخبرات في كل ميادين التخطيط والتجهيز والتسليح والحروب. ومع ذلك فهي لا تكتفي بما لديها من عِلمٍ عسكري فتلجأ الى مراكز أبحاثٍ ودراسات متخصصة في كل العلوم والمعارف التي تؤثر في الخطط العسكرية ومواءمتها للظروف المناخية والطبيعة التضاريسية والتقاليد الاجتماعية وغيرها من العوامل.
ولأنها كذلك فإن أحداً من هؤلاء القادة الكبار لم يمنح نفسه رتبة جنرالية، أو يلبس في المناسبات الخاصة بالجيش والقوات المسلحة وأعيادها ملابس عسكرية تُعَلّق فيها التيجان والنجوم وأنواط الشجاعة. كما أنهم لا يتطفّلون على غرفة العمليات العسكرية ويُباشرون  "الشخبطة" على خرائط الخطط الموضوعة للعمليات، يُحيط بهم من كلّ الجهات وقوفاً القادة الكبار يُنصتون باهتمام تلاميذ الابتدائية لتوجيهات "القائد العام" كما هو الحال عندنا..!
مهامّ الرئيس، القائد الأعلى في الدول المتحضّرة التي تحترم عقول مواطنيها وتعرف قدْر نفسها، تتمثل في تأمين إدارة مفاصل الدولة وتعزيز قدراتها الاقتصادية والسياسية والمالية والأمنية والدبلوماسية وغيرها من الميادين في زمن السلم، ووضعها في أعلى مراتب الاستعداد لمواجهة مخاطر قد تتعرض لها وتقودها إلى التورّط في الحرب.
ولأننا شعبٌ منحوس، فإن سياقات دولتنا اللا دولة تجعل كل أنساق إدارتها تعكس هذا النحس وتظهرها بما يُجسّد تخلّفها ورثاثتها، مهما حاول قادتها التغطية على فشلهم وإمعانهم على ما هم عليه من انعدام الكفاءة والصلاحية.
ولأننا نعرف ما نحن فيه على كلِّ مستوى من مستويات التدهور والانحطاط، نعرف أيضاً محاولات ساستنا لخداعنا بالإيحاء لنا كلما تسنّى لهم بأنهم "فقهاء" حتى في علوم القتال ورسم الخطط الحربية، وإلا ما الذي يريد إقناعنا به العبادي ومَن ظهر مِن زعماء المنطقة الخضراء والتحالف الوطني على بوابات الفلوجة أو في غرفة العمليات؟ أيريدون إيهامنا بأنَّ "القيافة" العسكرية التي يتباهون بها في استعراضٍ خُيلائي، تُضفي عليهم درايةً وقدراً غير ما هُم عليه،
وكأنهم في خُيلائهم ذاك سيُخفون عن أعيننا مسؤوليتهم عن أسْرِ بغداد وتقطيعِ أوصالها بالأسوار الكونكريتية والسيطرات المأزومة المتوتّرة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram