استدركَ البنك المركزي أخيراً واتّهم، على لسان مسؤول كبير فيه، شركات الصيرفة والتحويل المالي باستخدام وثائق مزوّرة وعدم رفد السوق المحلي بالعملة الصعبة. وبيّن السيد أحمد إبريهي عضو مجلس إدارة البنك "أنّ القطاع الخاص ومكاتب الصيرفة ( منشغلة) بالحصول على تلك العملة 'الدولار' لأغراض لا تنسجم مع مصالح العراق واستقراره الاقتصادي ". وفي سياقٍ متصل كشفت النائبة ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية البرلمانية "معلومات مؤكدة تُثبت امتلاك كثير من السياسيين والمتنفّذين شركات صيرفة ".
وما يلفت النظر في كلا التصريحين أنهما وجّها الاتهام لشركات الصيرفة والتحويل المالي دون المصارف والبنوك، وهي أس البلاء والفساد في تزوير الوثائق وتبييض الأموال وتهريبها منذ دشّنَ البنك "نافذة البيع" وليس المزاد كما يجري التأكيد في البيانات والتصريحات الصادرة عن المركزي كلما جرت الإشارة إلى شبهة فساد تطول هذه النافذة. فالفرق شاسعٌ بين المزاد والبيع، فالأول محكومٌ بقاعدة المنافسة على الشراء بـ "المزايدة"، أي تقديم سعرٍ "أزيد" للدولار عند طرحه للبيع في النافذة، في حين يعني الثاني "البيع" بسعر مطروح غير معروضٍ للزيادة .!
وقالت النائبة التميمي بصواب " إنّ البنك يكتفي بالأقوال دون الافعال". ويكفي للتدليل على هذا النهج، استعادة كمّ المعطيات التي طُرحت حول الفساد الذي يشوب عمليات البيع من نافذة المركزي دون اتخاذ أيّ إجراء سوى الكلام أو توجيه إنذارات أو الحكم بغرامات لافتة قد تُغري بالإمعان بالفساد والتزوير.
ورغم الوثائق الفضائحية الدامغة التي نُشرت وبثّتها الفضائيات، ومنها الوثائق التي كانت بعهدة الفقيد الجلبي وتولّت مؤسسة المدى بوسائلها الإعلامية نشرها، وقدمتها رسمياً إلى السلطة القضائية، فإنّ أحداً لم يسمع عن مصادرة أموال أو حبس مصرفي مزوِّر وثائق أو تقديم أصحاب بنوك أفسدوا البيئة المالية واغتنوا خلال بضع سنوات من نافذة بيع المركزي عبر ممارسة التزوير والغشّ والرِّشى أو تورّطوا بعمليات تهريبٍ لم يجرِ الكشف عن الجهات المستفيدة منها، وقد تكون إرهابية أو متواطئة مع داعش.
ويظلّ المواطن يتابع الكلام على عواهنه، لعلّه يتحوّل ولو لمرّة واحدة إلى فعلٍ ملموسٍ فيتدخّل البنك المركزي ويُفرج عن ودائع المواطنين من البنوك التي تلاعب بها أصحابها الفاسدون، وأنْ يُسلّط الضوء بجسارة تصبُّ في خانة منجزاته على ما يُثبت امتلاك سياسيين ومتنفّذين شركات صيرفة وربما بنوكاً من الباطن ..!
البنكُ المركزيُّ يستدركُ أخيراً ويُعلنُ أنّه يعرف..!
[post-views]
نشر في: 29 مايو, 2016: 06:56 م