المستشار الاعلامي اثناء كتابة كلمة يلقيها المسؤول في تجمع جماهيري او تقديم الاستشارة يحرص على ان يكون حضور مسؤوله لافتا للانتباه ، كلماته فصيحة مؤثرة ، تجعل الجمهور في لحظات تأجيج الحماسة الثورية يردد اهزوجة " اخذونا للجبهة نقاتل " ثم ينتهي التجمع برفع برقية دعم وتجديد الولاء للقيادة الحكيمة ، على هذا السياق كانت مكاتب اعلام المسؤولين تعمل بسياقات ثابتة مع استخدام عبارات وجمل جاهزة احيانا يختارها المسؤول لتأكيد حقيقة انه مازال يتقدم الصفوف في ساحات الوغى ، حين تنشر الجرائد الرسمية نص كلمته مع صورة بالأسود والابيض في الصفحات المخصصة للشؤون المحلية .
العاملون في المكتب الاعلامي على اطلاع كامل بنقاط ضعف مسؤولهم اللغوية والنحوية ، يعرفون انه يواجه صعوبة في لفظ بعض المفردات فيتحاشون استخدامها في الخطبة العصماء لتفادي احتمال الوقوع في حرج يثير سخرية الحاضرين في التجمع الجماهيري ، احد المسؤولين كان يتلعثم في مفردة الصهاينة يقلب حروفها الى "الصياهنة" فيقع بمطب يعالجه فنيو المونتاج في الاذاعة والتلفزيون بأشراف مباشر من العاملين في المكتب الاعلامي ليظهر المسؤول في اخبار النشرات التلفزيونية والاذاعية خطيبا فصيحا، يرتعش من كلماته الاعداء "الصياهنة " ، فتضطر تل ابيب الى اعلان حالة الانذار القصوى من شن هجوم محتمل على اراضيها .
الاعلام الرسمي كان يمنع استخدام مفردة اسرائيل في نشرات الاخبار والتقارير الصحفية ، في حال وجود المفردة في اخبار وكالات الانباء الاجنبية ، تنقل الى الصحف المحلية بوضع اسرائيل بين مزدوجين في اشارة للتحفظ ، المصاب بعقدة صعوبة لفظ الصهيونية اخبر في احد الايام مدير مكتبه الاعلامي بضرورة البحث عن مفردة بديلة من قبيل صنيعة الاستعمار و الامبريالية او ذيلها للتخلص من الحرج المزمن ، بعد ايام صدر توجيه لجميع وسائل الاعلام يقضي باستخدام العدو الصهيوني في خطب المسؤولين ونشرات الاخبار ، تلقى المسؤول التوجيه ، وبمساعدة مدير المكتب خصص ساعة من برنامج عمله اليومي لإجراء تمرين على لفظ مفردة الصهاينة والعدو الصهيوني بعد محاولات كثيرة ، حصل تحسن نسبي ، اختفت حالة التلعثم فشعر المسؤول ، بانه امتلك قدرة فائقة على مواجهة الاعداء "الصياهنة" الصهاينة .
منذ فتحت اسرائيل سفاراتها في عواصم عربية ، انحسر الصراع العربي – الاسرائيلي، بفعل متغيرات وتحولات شهدتها المنطقة فانتقل الصراع الى مستويات اخرى حتى داخل البيت الفلسطيني، اما الدول العربية فانشغلت بخلافاتها ، تخلت عن شعاراتها السابقة ، لكنها ظلت متمسكة بقرارات وتوصيات مؤتمرات القمة المتعلقة بدعم السلطة الفلسطينية بالأموال للتعبير عن المواقف القومية بالدولارات لعلها تمنح الفلسطينيين القدرة على مواجهة العدو الصهيوني.
المنطقة العربية الوحيدة في العالم اصبحت بيئة مناسبة لتناسل النزاعات والصراعات تعاني اليوم مشكلة التلعثم في تحديد وتشخيص العدو ، فقدت قدرة التمييز بين الجماعات الارهابية ومن يحاربها للحد من نشاطها ، ضاع البصر والبصيرة .
الاعداء "الصياهنة"
[post-views]
نشر في: 31 مايو, 2016: 09:01 م