اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعدَ تحريرِ الفلّوجة : سوِّروها بالعدلِ والرعاية ...!

بعدَ تحريرِ الفلّوجة : سوِّروها بالعدلِ والرعاية ...!

نشر في: 3 يونيو, 2016: 06:33 م

قد لا يُفهم، كما ينبغي أن يكون عليه فهم الأمور في بلدٍ ممزق الأوصال كالعراق، كثرة من المصطلحات والشعارات والاعتراضات التي تنطوي عليها مطالب محددة من هذه الكتلة البرلمانية أو تلك من مواقعهما المذهبية المتخالفة. ويقيناً أنَّ خلط الأوراق والمفاهيم في مثل هذه الحالة هي التي تكون الفيصل في الحكم. ومن بين ما هو ملتبسٌ على كثرة من المراقبين العرب قبل الأجانب في الغرب، إصرار الحشد الشعبي على المشاركة في اقتحام الفلوجة، والرفض القاطع في المقابل لمشاركة الحشد من قبل اتحاد القوى.
ومصدرُ الالتباس أنَّ المراقب المحايد المُبَرَّأ من لوثة الطائفية، أو الجاهل لهذا التقسيم الجائر للمسلمين، ينطلق من أنَّ الفلوجة عراقية وواجب كلّ عراقيّ أن يقاتل داعش لتحريرها من قبضته الغاشمة. وهو يزداد حيرةً حين يطّلِع على تصريحٍ مُهَرَّب لأوس الخفاجي، يعتبر فيه أهالي الفلوجة كلّهم داعشيين وحلالٌ عليهم ما يتعرّضون إليه. ويلتبس عليه أيضاً انتقال قادة الكتل والعملية السياسية من بغداد إلى محور الفلوجة وهم يرتدون ملابس الحشد الشعبي المرقَّطة  من دون موجب، ومنهم من يبدو على غير هيئته وقد نفض عنه عمامته وجُبَّته الدينية، ليتابع على الخريطة وجهة هجوم القوات العسكرية و" كرّ وفرّ" طرائد داعش الإرهابية !
وما يثير استغراب المراقب الموضوعي، ويَمُضّنا بألم دفين، أنَّ هؤلاء القادة يُسرعون الخطى الى المحاور العسكرية كلما تناهى الى سمعهم قربَ حسم المعركة بهزيمة داعش، ويتناسون أنّ أهالي بغداد الفقيرة المبتلاة يتعرضون كل يوم على مدار الساعة الى عمليات إرهابية من انتحاريي داعش يروح ضحيتها العشرات والمئات، وأنّ هذا الخرق اليومي لأمن عاصمتهم وحرمة حياة مواطنيهم يُبيّن بالملموس، أنّ ما يقومون به في محور الفلوجة، وغداً في الموصل حين يحمي وطيس المعارك فيها، ليس سوى استعراض عضلات ليس في مكانه، بل إنها رسالة خاطئة في الزمان والمكان الخاطئينِ.
إنَّ المراقب المحايد والمواطنين العراقيين المنحازين لوحدة شعبهم ورفعة وطنهم، يعتقدون بإيمانٍ أكدته التجربة منذ سقوط الطاغية في نيسان ٢٠٠٣ أنّ المساهمة في تحرير الفلوجة تبدأ في بغداد نفسها، من خلال التأكيد لأهاليها أنَّ قيادتهم ساهرة على تأمين حماية أرواحهم وسلامتهم، ليس عبر الحواجز الأمنية والأسوار الكونكريتية المحصّنة حول المنطقة الحكومية الخضراء ، بل بالعمل الجاد الدؤوب لإعادة اللحمة والوحدة والثقة المتبادلة بين العراقيين  من دون استثناء، وبغضّ النظر عن هوياتهم الفرعية. وهو عمل يتطلب مصالحة وطنية شاملة، بلا معاجين مَحبَّة، بل بكلّ ما من شأنه إضفاء الثقة والمصداقية على أقوال وأفعال هؤلاء القادة الذين يقفون في محاور الفلوجة ويبعثون بوقوفهم رسائل خاطئة للعراقيين.
قيلَ إنّهم طلبوا من عمر بن عبد العزيز الموافقة على بناء سور حول عاصمة الخلافة ، فقال لهم " سوّروها بالعدل".. ولو كان حيّاً الآن لأضاف : وبالرعاية ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram