TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحاكمُ إذا أخطأَ في دولةٍ مُتحضّرةٍ، ماذا يفعل؟.. وعندنا ؟!‎

الحاكمُ إذا أخطأَ في دولةٍ مُتحضّرةٍ، ماذا يفعل؟.. وعندنا ؟!‎

نشر في: 5 يونيو, 2016: 06:32 م

يحاول العراقي أن يقارن حالته بما هي عليه حالات أُممٍ أُخرى. لا فرقَ إن كانت أمماً متحضّرة، عصريّة، أم هي في طور التحضُّر، وأحياناً متخلّفة لكنها لا تزال تخضع لمعايير وضوابط وقيمٍ بطرياركية "أبوية". وفي كلّ الحالات يجد العراقي صعوبة بالغة في العثورعلى قواسمَ مشتركةٍ للمقارنة، وإن وجدها فهي تُقصيهِ إلى حوافّ الأمم التي لم تعد تحكمها معايير معروفة أو قيم متداولة إنسانياً، أو هي قيد التعريف وتسجيل الحالة على أنها "صُنعتْ في العراق" !
كان العراقي في أسوأ الظروف التي مرّ بها في ظلّ نظام البعث، يعرفُ أيّ حالة جورٍ وانتهاكاتٍ واستلابٍ للروح وانتزاعٍ للكرامات هو عليها. ويعرفُ العالم كلُّه أنَّ العراقي سجين وطنه، حبيس إرادته المُستلبة، مباحةٌ ثرواته الطبيعية، كما مباحةٌ ثرواته البشرية، ونظامه خارج كلّ توصيف تأخذ به الشرائع والمواثيق والاتفاقيات الأممية.
وإذا حاولتَ أنْ تتساءل اليوم وأنت مواطن تدّعي الانتماء إلى العراق، كيف لك أن تُجيب على سؤال يُصادفك أينما كنتَ، في بلدٍ متحضّرٍ أو متخلّفٍ أو بينَ بين، مَنْ أنتَ ..؟ فإذا أجبتَ بأنك عراقي، فستُواجَهُ بعلامة استفهامٍ كبيرةٍ ودهشةٍ واستغرابٍ من جوابك المُبهم.! فالعالَمُ لم يعد يكتفي بهذا التعريف المنغلق على نفسه، وهو يعرفُ أنّ العراق في حالة تشظٍّ وتشرذمٍ ومواجهاتٍ وصراعٍ على اقتسام الهوية العراقية ومدلولات كلّ قسمٍ فيها، ومصائر أهلها، وطبيعة مرجعيتها، وما إذا كانت لها ميليشيات مُسلّحة أم أنها اكتفتْ بتحصينات هويّتها، وسوّرت نفسَها بما في الدولة من قِوى غاشمة تستمدُّ القوّة من خارجها!
وتزداد حيرةُ العراقي حين يتوجّه بهذا السؤال مخاطباً نفسه، مَن أنا ..؟ ويحاول جاهداً أن يُقنع نفسه بما لديه من درايةٍ بنفسه وما هو عليه من كينونةٍ عراقيةٍ تمتدُّ في عمق التاريخ وتنطبع صورته في منجزاته التي تقرُّ بها الأمم المتحضّرة وتحتلّ لها مكاناً مشرقاً في سجلّ التاريخ البشري. ولكنّه يظلّ في حيرته، إذ يحاول أن يرى تلك الصورة في مرآة حاضره، فلا يرى منعكساً فيها غير خطوطٍ متكسّرةٍ، مُغبَشَةٍ، تتجاور وتتقاطع بخيوطٍ من الدم والفجيعة والضياع، فيصحو على نفسه ويجهش بالبكاء، فقد بات بلا هوية، ولم يعد يعرف مَنْ يكون، ولا ما يدور مِن حوله، وما هي الحال التي يعيش فيها، و مَنْ هم الذين يحكمونه، وكيف له أن يفيقَ من هذا الكابوس!
وَلِلحظةٍ يشعر العراقي باستعادة إرادته وقدرته على التغيير، فينتفضُ ويخرج شاهراً شعار الإصلاح والتغيير، ويظلُّ يرفع صوته بعزمٍ أشدّ مطالباً بالتغيير، فيقرأ في جريدة الصباح: لا تنسَ أنكَ في أُمّةٍ سُجِّلتْ في خانة " أُمم في الانتظار"، إذا أخطأ الحاكم فيها فليس من سبيلٍ أمامَه غير تغيير شعبه..!
ويتذكّرُ أنَّ صدام حسين قال يوماً: إذا تعرّضتِ "الثورةُ" للخطر، فسنترك العراق أرضاً بلا شعب، وإذا عُدنا فسنعوِّضُه بشعبٍ من الصعيد!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram