دخل الى (السوبر ماركت) ليملأ عربة التسوق باكياس وعلب لاتعد ولاتحصى ، ووقفت المرأة النازحة طوال النهار امام ابواب الجامع لتستلم سلة رمضان التي تحوي المواد الاساسية فقط من احدى الجمعيات الخيرية ...وضع مشترياته في صندوق سيارته الحديثة واشعل جهاز التبريد وانطلق الى منزله ، وسارت المرأة طريقا طويلا تحت الشمس المحرقة حتى مخيم النازحين وهي تحمل (السلة ) على رأسها ..قضى ساعات من النوم في حجرته المبردة وقضت المرأة نهارها في خيمة وسيلة تبريدها الوحيدة مروحة ارضية..جلس الرجل بعد اذان المغرب امام مائدة عامرة باطايب الطعام والشراب ، واجتمعت عائلة المرأة كبيرة العدد حول وجبة فقيرة قوامها العدس والحمص..تذمر الرجل من غياب العصير الذي يفضله على بقية العصائر المصطفة بانتظام أمامه، وحمدت المرأة وعائلتها الله على سلامتهم وحصولهم على لقمة طعام بينما مازال بعض اقاربهم يباتون في العراء ويقضون النهار في الحر القائض دون غذاء كاف او شراب بارد لحين تمكنهم من الافلات من قبضة داعش والالتحاق بالعوائل النازحة التي وجدت لها مستقرا في المخيمات او هياكل المنازل المتداعية ..
لايعيش البشر نفس الظروف ، ولايخلو مكان في العالم من الفقراء ، لكن الفقر يلد احيانا من حاجة البلد الى الموارد والخيرات او تعرضه الى كوارث طبيعية شديدة ، اما ان تكون اعماق البلد مترعة بالثروات وارضه ملأى بالخيرات فلابد ان ماينقصه هو حاجته الى من يدير هذه الثروات والخيرات بوطنية وضمير ودراية لكي لايتحول ابناؤه الى نازحين وفقراء يهبطون تدريجيا الى ماتحت خط الفقر ...
في اماكن اخرى ،يتمتع النواب بعطلتهم التشريعية ، ويتساقط رجال وشباب في عمر الورد لتروي دماؤهم ارض الوطن وكأنهم فقط من انجبهم الوطن ليدافعوا عنه ..ويلتئم شمل عوائل النواب في دول اخرى ليبتعدوا عن هموم الوطن ويستمتعوا بأجواء رمضانية احلى بينما تخلو منازل عديدة من آباء وابناء واشقاء ربما لن يجدوا فرصة لصيام الشهر الفضيل تحت حرارة الشمس واصوات الرصاص ..ويواصل بعض رجال الدين تصريحاتهم وشحنهم الطائفي احيانا بينما يرفع المصلون ايديهم الى الله بانتظار الفرج ..
يقول (جمال الدين الافغاني ):"ملعون في دين الرحمن من يسجن شعبا ، من يخنق فكرا ، من يرفع سوطا ، من يسكت رأيا ، من يبني سجنا ، من يرفع رايات الطغيان ...ملعون في كل الاديان ، من يهدر حق الانسان حتى لو صلى او زكى وعاش العمر مع القرآن " .
وفي بلدنا الذي يتوضأ ابناؤه بالدماء ويغتسلون بالدموع ، هناك المئات من الملعونين ..فما بين دفتي الماضي والحاضر ، جرب العراقيون كل انواع القهر وخنق الحريات والقسوة وضاعت حقوقهم تحت اقدام الحكومات الملعونة ..وهكذا ،قد يصوم النازح ليفطر ب( العدس ) ، ويصوم المقاتل ولايجد الوقت ليفطر ، اما الغني والمسؤول فلن تنفعهم صلاتهم او صيامهم مادام الحق لديهم غائبا والضمير نائما والشعب يواصل الموت المبكر اوينحدر تدريجيا الى ماتحت خط الفقر ..
حكومات.. ملعونة
[post-views]
نشر في: 6 يونيو, 2016: 09:01 م