إدفع وصرّح ، شعار اعتمده إعلاميون يعملون في غرف أخبار فضائيات عراقية ، فأعطوا مثالاً حقيقياً لمستوى انحدار السلطة الرابعة حين تكون تحت هيمنة وسيطرة من يجيد اصطياد "الغشمة" الراغبين في تصدر المشهد السياسي اثناء اندلاع الأزمات وتنفيذ العمليات العسكرية لاستعادة المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، الوسط الإعلامي يتداول معلومات تفيد بأن بعض العاملين في غرفة اخبار فضائية معروفة ، اعتمدوا تسعيرة تدفع لهم بالدولار لبث تصريحات السياسيين بهدف التقرب الى مسؤول كبير او لرئيس الكتلة ، والتصريح في اغلب الأحيان ينطوى على هجوم واتهام موجه الى شخصية او جهة سياسية ولا يخلو من تسقيط ، مقابل استعداد صاحب التصريح لدفع المال بموجب صفقة بين الطرفين يتولى انجازها وسطاء يطرحون التسعيرة .
تسعيرة التصريح تتصاعد طبقاً لأسلوب بث الخبر ، إن كان ضمن النشرة الرئيسة او في خبر عاجل يلفت انتباه المشاهدين ، في لحظة البث يكون صاحب التصريح قد دفع الى فريق الوسطاء المبلغ ، واخبر مرجعه الحزبي بأنه أنجز المهمة الوطنية بنجاح ساحق .
إدفع وصرّح ، ابتكار شهدته الساحة العراقية بتشجيع من مؤسسات إعلامية تجيد الابتزاز حين تلوح بكشف ملفات مسؤول متورط بالفساد ، مع استعدادها للتفاوض وغلق الملف ، حين يدفع الشخص المعني من رزقه الحال الى صاحب الفضائية المبلغ المطلوب ، في اليوم التالي يتغير الخطاب فيصبح المسؤول رمزاً وطنياً ، تتوفر له فرصة الظهور من خلال الشاشة ليدلي بخطاب تاريخي موجه للشعب العراقي يحذرهم فيه من الخصوم السياسيين ، وارتباطاتهم بدول خارجية ، ومحاولاتهم التآمرية للنيل من التجربة الديمقراطية .
لأصحابالتسعيرة شبكة واسعة من العلاقات ، يديرها اشخاص يشرفون على الشريط الاخباري "بكل مهنية وحيادية " ولجهودهم الجبارة في خدمة شخصيات سياسية معينة يقبضون الثمن من عرق الجبين وبالرزق الحلال ، والمهزلة مستمرة لارتباطها بحياة سياسية مضطربة ، تنتقل الى الشريط الاخباري ليعكس صورة اخرى من الصراع والخلاف بتبادل الاتهامات من العيار الثقيل ونشر غسيل المتخاصمين .
مع انطلاق عملية تحرير الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش ،تجدد نشاط اصحاب ابتكار "ادفع وصرّح" نظرا للإقبال الواسع على خدماتهم في طرح تصريحات تحذر من كارثة انسانية في المدينة ، واخرى تشدد على مشاركة فصائل الحشد الشعبي لإنقاذ المدنيين من سيطرة الجماعات الارهابية ، بمستوى تصاعد غبار المعارك يقع كثيرون في شباك "ادفع وصرّح" هذا الابتكار ، شاع مع تأسيس الفضائيات المدعومة من دول الجوار الحريصة على خدمة أسيادهاعلى حساب المصالح الوطنية ، الفضائيات الحزبية لها كامل الحرية في الدفاع والترويج لتنظيماتها السياسية وزعمائها ، بشتى والوسائل والاساليب ، أما أن تقوم فضائية معينة بتسخير شريطها الإخباري لتصريحات سياسيين مقابل ثمن ، فهذا السلوك شكل آخر للفساد الأخلاقي قبل المهني ، ولابد من فضحه ، ومحاسبة من يقف وراءه ، ومثل هكذا فضيحة لايلبس عليها عكال .
عاجل : إدفع وصرّح
[post-views]
نشر في: 6 يونيو, 2016: 09:01 م