بحلول شهر رمضان يتطلع ملايين العراقيين الى احتواء الازمة السياسية ، انهاء حالة الانقسام داخل مجلس النواب ، تحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، مع تمنيات بان يتخلى القادة السياسيون عن خلافاتهم ، فيجعلون من صيامهم ، ولاسيما ان اغلبهم قادة في احزاب دينية، فرصة للتقارب ، لكن التمنيات رأس مال المفلسين ، في ضوء ذلك من المستبعد تحقيق معجزة بلورة موقف موحد والوقوف على قاعدة عمل مشتركة لتصحيح اخطاء كارثية دفع ثمنها الشعب العراقي على مدى السنوات الماضية ، ولاشيء يلوح في الافق يشير الى امكانية العثور على ضوء في نهاية النفق ، مادام فريق اسامة النجيفي وشقيقه اثيل يحذر من غزو مغولي جديد لمحافظة نينوى في اشارة الى فصائل الحشد الشعبي ، اما زعماء القوى السياسية من الطرف الشيعي فمازالوا منشغلين بقضية الاصلاح والنظر اليها من زاوية الحفاظ على المكاسب من خلال ضمان التمثيل في السلطة التنفيذية بذريعة التمسك بالدستور .
من سوء حظ العراقيين انهم يعيشون في مرحلة سيطرة اطراف سياسية معينة على مقدرات قيادة البلاد والعباد منذ الغزو الاميركي وحتى هذه اللحظة ، ما يقال عن اقامة نظام ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة مجرد شعارات وبرامج انتخابية ، سرعان ما تبددت في عملية تقاسيم المناصب والمواقع . الحكومات المتعاقبة مع الاطراف المشاركة فيها من القوى السياسية ، فشلت في تحقيق منجز واحد ، يشكل بداية خط الشروع لمعالجة اخطاء جعلت معادلة العملية السياسية مضطربة رسخت تداعياتها على مؤسسات الدولة بفعل رغبة الاستحواذ والهيمنة ، لغرض الحصول على المزيد من المكاسب لأحزاب وجدت في" المناخ الديمقراطي" الفرصة المناسبة لأثبات حضورها في المشهد ، فشاركت مع غيرها في عملية تقاسم المغانم، الاطراف المشاركة في الحكومة ، اعلنت دعمها لإصلاحات العبادي استجابة لمطالب المتظاهرين وسواء كان الاعلان يعبر عن رغبة حقيقية ام مجرد تصريح عابر لامتصاص غضب المحتجين يبقى التحرك داخل مجلس النواب لتمرير التشريعات المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية هو السبيل الوحيد لاثبات جدية المواقف.
يبدو ان النخب السياسية بحاجة الى سقف زمني طويل لتسوية خلافاتها ، تناول طعام الافطار بعد اطلاق مدفع الاصلاح ليس كافيا لتقارب وجهات النظر ، خصوصا ان تمرير مشاريع القوانين يخضع لاتفاق رؤساء الكتل النيابية ثم الدخول الى قاعة البرلمان لاعلان الانجاز الثوري المرتقب بالتصويت على مسودة قانون رُحل من الدورة التشريعية الاولى الى الحالية ، الضغط الشعبي هو السبيل الوحيد لتحفيز الكتل المتنفذة في البرلمان على التخلي عن عرقلة تشريع القوانين المهمة ، فليس ثمة مسوغ يمنعها من الاقدام على هذه الخطوة خصوصا انها حرقت سنوات من عمر العملية السياسية جعلت العراقيين يشعرون بان ممثلي الشعب في البرلمان لا يختلفون عن رواد مقهى المفاطير.
الافطار على " مدفع الاصلاح "
[post-views]
نشر في: 7 يونيو, 2016: 09:01 م