معنى مفردة "البوخة" لدى الاوسط الشعبية يقترب من القول الشائع هواء في شبك او فقاعة عمرها لحظات ، ليس لها اي تأثير على ارض الواقع ، بحسابات سياسيين لطالما عبروا عن انزعاجهم من التظاهرات الاحتجاجية ، فحاولوا بشتى الاساليب مصادرة الارادة الشعبية ، لانها تشكل مصدر خطر يهدد مستقبل من جعل من نفسه "بوخة" في المشهد السياسي العراقي.
مدنذ اندلاع التظاهرات الاحتجاجية في تموز الماضي في العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب اعلن رئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي اعتماد مبدأ "من اين لك هذا " لملاحقة المتورطين بالفساد ، بعد قرابة عام من تنظيم التظاهرات المطالبة باصلاح حقيقي ، واجه تنفيذ المبدأ جملة عقبات ، فضاعت فرصة مشاهدة مسؤول واحد متورط بسرقة المال العام داخل قفص الاتهام .
قرار مجلس الوزراء الاخير باحالة مسؤولين الى التقاعد في اطار تنفيذ خطوات الحكومة الاصلاحية ،جاء متاخرا وخاليا من اجراءات المحاسبة ، المسؤولون احتفظوا بكامل حقوقهم وامتيازاتهم ، وبرزت تساؤلات في الشارع هل تمت احالتهم للتقاعد على خلفية تورطهم بملفات فساد ،السؤال طرحه ناشطون عبر شبكة التواصل الاجتماعي.
لجنة النزاهة النيابية الجهة الرقابية المسؤولة عن ملاحقة المفسدين من المسؤولين السابقين والحاليين وقفت عاجزة عن اداء دورها ، وطبقا لتصريحات بعض اعضائها، فانها بحاجة الى سقف زمني يقدر بسنة ضوئية لحسم ملفات الفساد ذات العيار الثقيل ، سيطرة الاحزاب المتنفذة على عقارات الدولة ، تورط مصارف يمتلكها سياسيون ومسؤولون بتهريب الاموال ، منح العقود لشركات فشلت في تنفيذ المشاريع ، عقود شراء الاسلحة واجهزة الكشف عن المتفجرات ، واللجنة اعلنت ايضا انها تمتلك قائمة باسماء شخصيات جمعت ثروات طائلة خلال السنوات الماضية.
أعضاء مجلس النواب يتمتعون هذه الايام بعطلتهم التشريعية بعد حصولهم على المزيد من الراحة والاسترخاء سيعودون الى قبة البرلمان وامامهم ملفات كثيرة تتعلق بارتكاب جرائم فساد في حال حسمها ستتوفر للحكومة موارد مالية تساعدها على مواجهة مشكلة انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية لتتفرغ لإعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش ، وهذه "بوخة" اخرى استنادا الى حقيقة ان حكومة الانبار المحلية "تصيح وتستريح" في طلب المساعدات الدولية .
يقال ان لجنة النزاهة النيابية ستبذل كل مساعيها لاستضافة مسؤولين في هيئة النزاهة والبنك المركزي ووزارة المالية وديوان الرقابة المالية واللجنة ستعمل على محورين ، الاول استرداد الاموال المهربة،والآخر محور استرداد المطلوبين الهاربين لتورطهم بتلك السرقات وسط توفر معلومات تفيد بان الاموال حولت الى شركات وهمية واسماء مستعارة مما يعرقل اقتفاء اثرها واستردادها .
التحرك البرلماني والحكومي لمكافحة الفساد وحسم ملفاته يتطلب تضافر جهود الجهات المعنية في هيئة النزاهة وجهاز المخابرات والقضاء وقسم مكافحة غسل الاموال في البنك المركزي ووزارتي الداخلية والخارجية ، بخلاف ذلك سيكون التحرك في كل المستويات مجرد" بوخة"او فقاعة على حد وصف السياسيين المنزعجين جدا من التظاهرات الاحتجاجية .
من أين لك "البوخة "؟
[post-views]
نشر في: 8 يونيو, 2016: 09:01 م