السير بيتر شافير، الكاتب المسرحي الكبير، الذي رحل عن عمر ناهز التسعين عاما، كان واحدا من عمالقة المسرح البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، و قدم مجموعة من الاعمال الدرامية - والسينمائية المتميزة ، وهو كاتب سيناريو فلم أماديوس عن ح
السير بيتر شافير، الكاتب المسرحي الكبير، الذي رحل عن عمر ناهز التسعين عاما، كان واحدا من عمالقة المسرح البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، و قدم مجموعة من الاعمال الدرامية - والسينمائية المتميزة ، وهو كاتب سيناريو فلم أماديوس عن حياة الموسيقار موزارت، ومن اعمال شافير المهمة الاخرى "الكوميديا السوداء"، "ملاحقة الشمس الملكية وتمرين الاصابع الخمسة
قدمت أول مسرحية لبيتر شافير وكانت بعنوان (ارض الملح) عام 1954في البي بي سي، لكن بدايته المسرحية الحقيقية كانت مع مسرحية (تمرين الاصابع الخمسة) (1958)،وهي المسرحية التي تتحدث عن مجموعة من الشباب الغاضبين الذين يقومون باعمال شغب في عطلة نهاية الاسبوع في ضاحية سوفولك شرق انكلترا.وقد رفض عرضها من قبل الديوان الملكي باعتبارها "غير مناسبة"، وعرضت على خشبة المسرح الكوميدي واخرجها جون غيلغد (الذي، اعلن بعد قراءته النص ".. أنا لا امانع في اخراجها فأنا لم اخرج أي نص فخم مثل هذا من قبل") . و حصلت على جائزة الدراما التي تقدمها صحيفة ايفننغ ستاندرد، ثم انتقل بها إلى مسرح برودواي، حيث عرضت 607 مرة، ونالت جائزة مجموعة نقاد الدراما في نيويورك لأفضل عمل مسرحي اجنبي.
في عام 1964 قدم شافير مسرحية (ملاحقة الشمس الملكية)، وهي ملحمة مذهلة حول الغزو الاسباني لبيرو، وكان الممثل لورنس اوليفيه قد قدم مسرحية تمارين الاصابع الخمسة في فلم من اخراج دانييل مان.عام 1962.
لعل أكثر ما يميز أعمال بيتر شافير.. تلك الرؤية الضاحكة الباكية فكل مسرحياته ، باستثناء مسرحيته (اصطياد الشمس) يمكن أن تندرج تحت نوع «الكوميديا السوداء» فخلال السنوات الخمس التالية لمسرحيته الأولى لم يكتب إلا نصين كل منهما من فصل واحد قدما في عرض واحد باسم «أذن خاصة» و«عين عامة» والمسرحيتان كوميديتان اجتماعيتان فيهما من المرارة بقدر ما فيهما من الضحك وإن كان كاتبهما يميل فيهما إلى الضحك أكثر مما يميل إلى المرارة.
لكن مسرحية (اصطياد الشمس) هي مسرحية تاريخية وليست اجتماعية معاصرة كما أنها - شكلاً- تخرج على نطاق المسرحية الواقعية ذات البداية والوسط والنهاية.
، يغطي شافير حوادث المسرحية بطريقة بريخت في العرض السردي أي إننا منذ بداية الحدث ننتقل مع الأحداث حدثاً حدثاً في سلسلة من المشاهد المتعددة السريعة فلا وحدة لزمان أو مكان بل تمر بنا الأيام شهراً بعد شهر، وننتقل مع الجيش الغازي من الساحل وعبر الجبال من أقصى الامبراطورية إلى أقصاها، وهو في ذلك يلجأ إلى كثير من الحيل المسرحية التي كان بريخت أول من أدخلها إلى المسرح الغربي- كاستعمال التمثيل الصامت.
في مسرحية (ايكوس) يقدم لنا شافير معالجة نفسية بناء على قصة حقيقية، وكانت ايكوس رحلة في عقل صبي يبلغ من العمر 17 عاما من عائلة محترمة ، يتسبب في اصابة ستة خيول بالعمى بمهماز معدني في نوبة من الإحباط الجنسي والحماسة المجنونة.
تعالج مسرحية ايكوس المخاوف التي بدأت تظهر بصدد التراث الثقافي في ستينيات القرن العشرين واستكشاف معضلة الفرد الذي يواجه فقدان اليقين بالقيم الأخلاقية. ، وفي عام 1977 تم تحويلها إلى فيلم من بطولة ريتشارد بيرتون.
و يتذكر شافير، "ان ايكوس تسببت بضجة كبيرة حين عرضت في لندن،لانها تعرضت الى موضوع القسوة على الخيول. هذه المسرحية قدمت على مسرح ويست إند في عام 2007، مع نجم سلسلة افلام هاري بوتر الممثل دانيال رادكليف في دور المراهق المضطرب.
في أماديوس (1979)، ، قدم شافير العبقرية الموسيقية لموتسارت التي جعلت ، استاذه الحسود والغيور، ساليري، ينتابه اليأس من امكانيته مجاراة عبقرية موتسارت. يتم التركيز على معركة النفوذ و السلطة بين اثنين من الشخصيات المرسومة بقوة في سلسلة من الحركات المسرحية.
اما فلم اماديوس الذي اخرجه ميلوش فورمان فقد فاز بثماني جوائز أوسكار منها جائزة لأفضل سيناريو لشافير، وقد كان حب شافير للموسيقار هو ما لفت انتباه الجمهور والذي عبر عنه شافير ببراعة من خلال صوت ساليري . لم تكن قد بيعت اكثر من عشرة الاف نسخة من المسرحية . ولكن بعد أن عرض فلم أماديوس ارتفع العدد الى اكثر من مليون نسخة.
وكثيرا ما كان يطرح على شافير في المقابلات التي تجرى معه عن ما إذا كان وجود تلك الثنائيات الغريبة في مسرحياته(موزارت مقابل ساليري، الطبيب النفسي والصبي في ايكوس) تعكس التنافس بينه وبين الشقيق التوأم له، كاتب السيناريو والكاتب المسرحي أنطوني شافير.
وعلى الرغم من ان بيتر شافير كان يصر دائما على أن تلك الثنائيات الموجودة في مسرحياته كانت "الاسلوب الاكثر ملائمة للتعبير عن احاسيس القلق والتوتر التي كانت تعتمل داخلي )ومع ذلك"، فان ليس هناك من شك في أن التنافس مع شقيقه كان احد عوامل وجود تلك الثنائيات.
ولد بيتر ليفين شافير في ليفربول يوم 16 مايو 1926، في أسرة ثرية من اليهود الأرثوذكس، بعد خمس دقائق فقط من ولادة شقيقه التوأم. كان والده يعمل في مجال العقارات.
لم يكتب شافير شيئا مهما منذ عام 1996 مع انه كان يؤكد مرارا بانه يحتفظ في خزانته ببعض النصوص الغير مكتملة والتي سيأتي اليوم المناسب لتقديمها. وقد اعترف فيما بعد بانه يشعر كانه الحمار في اساطير ايسوب الذي ظل حائرا بين شرب الماء وأكل الشعير حتى قضى جوعا.
عند سماعه خبروفاة شقيقه أنتوني شافير أثر نوبة قلبية في عام 2001 تأثر بيتر بعمق. وعلى الرغم من عنصر التنافس بين الإخوين، الا انهما كانا يتحدثان على الهاتف في معظم الأيام.
لم يكن بيتر شافير متزوجا ، ومنح لقب السير ( الفارس – وهو اللقب الذي تمنحه ملكة بريطانيا للشخصيات المرموقة ) في عام 2001.
عن: The Telegraph