ربما نشعر –نحن الكتاب – بحالة من الرضا عن الذات أحيانا حين تتفاعل جهة مسؤولة مع مانكتبه في مقالاتنا لكن هذا لايعنينا بقدرحرصنا على تحريك المياه الساكنة لكي لاتظل كلماتنا ( مجرد كلام ) او (حجي جرايد ) كما يطلق عليها البعض ..اقول هذا بعد ان وردني رد من هيئة المساءلة والعدالة حول ماكتبته في أحد مقالاتي عن احالة عدد من الاساتذة الجامعيين للتقاعد قبل اتمامهم الخدمة الوظيفية او بلوغهم السن القانونية للتقاعد ومايشعرون به من غبن لم يمنعهم من مواصلة التدريس والاشراف على اطروحات طلبتهم الجامعية ودون استلام أي راتب منذ اشهر كونهم جميعا من الاساتذة المساعدين وبعضهم كان ينوي الحصول على درجة الاستاذية ولم يتمكنوا من تجاهل مسؤوليتهم تجاه طلبتهم بسبب قرار قد يؤدي الى افراغ البلد من كفاءات نادرة خاصة وان عددهم ليس قليلا وينتمون الى اكثر من جامعة وكلية ..
كان رد فعل الهيئة يشير الى ضرورة اثبات ادعاءاتي بحصول اجراءات الاحالة على التقاعد مادعاني الى الاتصال بالاساتذة المعنيين لأرد على مااعتبرته الهيئة ادعاءً ..بعدها ، ولدى مراجعة بعض الاساتذة للهيئة ووزارة العليم العالي لمتابعة قضاياهم قيل لهم ان اثارة القضية لم يكن توقيته مناسبا طالما ان البلد ( ينزف) ..عليهم اذن أن يصمتوا ويتقبلوا القرار كما هو لكي لايكونوا من ضمن الذين يضعون العصي في دواليب الحكومة وهي تسعى لانقاذ البلد من الارهاب !!
اذا كان على اساتذة جامعيين لايشغلهم إلا البحث العلمي وتخريج اجيال من الطلبة ان يتخلوا عن حقهم في الاستمرار في العمل وغلق صفحات الماضي الذي تساوى فيه اغلب العراقيين سابقا تحت ظل حكومة طاغية وجائرة ، فعلى كل من له حق لدى الحكومة الحالية أن يؤجله او يخضع لقرارات الحكومة مهما كانت جائرة ايضا او يكون من المتسبيين في ( نزيف البلد)..
دعونا نسأل المسؤولين اولاً عمن قاد البلد الى مرحلة ( النزيف ) ومن شرع ابواب البلد لدخول الارهاب وساعد على تقوية شوكته حين فتح له عشرات الثغرات من حكم طائفي وتهميش متعمد وتناحر داخلي وصراع على السلطة وانغماس في الفساد حتى الثمالة ..من جعل البلد يغلي ويقوده التظاهر السلمي الى فقدان صبره وعبورالأسوار المحرمة لدخول المنطقة الخضراء ..من حوّل الرجال الى ضحايا والنساء الى ارامل والاطفال الى ايتام ؟... وهل يغفر لهم قتال (داعش) مايئن البلد تحت وطأته من غياب الأمن والامان وتزايد التفجيرات واستفحال الفساد لدرجة تأجيل كل القضايا الأخرى او تجاهلها حتى لو كانت مصيرية بالنسبة لاصحابها ؟ ألا يحق للاساتذة المحالين على التقاعد ان يطالبوا بحقوقهم ومصدر معيشتهم في زمن يمكن ان يحال فيه متهمون بقضايا فساد كبيرة مؤخرا الى التقاعد ايضا مع احتفاظهم بحقوقهم كاملة ودون ادنى مراجعة لملفاتهم السابقة او محاسبتهم عليها ...أم ان محاسبتهم تأجلت ايضا لأن ( البلد ينزف ) ..
بلد.. ينزف
[post-views]
نشر في: 10 يونيو, 2016: 09:01 م