بعد صمتٍ مُطبقٍ من البنك المركزيّ، نُشر ما يفيد بأنَّ إدارته ستتّخذ التدابير الكفيلة بحماية المودّعين. وإذا كانت اللجنة القانونية في البرلمان قد أكدت، على لسان أحد أعضائها، أنَّ تصريحات الحكومة هي مجرّد هواء في شبك في ما يتعلق بأخطر القضايا الجنائية التي ترتبط بحياة العراقيين ومصالحهم وأمنهم واستقرارهم، وأنَّ رئيس هيئة الادّعاء العام يؤكد أنَّ حسم القضايا الكبرى يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ وإلى "استقرارٍ أمنيٍّ وسياسيٍّ وقضائيٍّ"، فهل يكون كلام البنك المركزي أو تصريحات إدارته أكثر من ذلك؟
منذ سنوات وأموال نافذة بيع الدولار في المركزي تتعرض إلى عمليات تهريب وغسل بوثائق مزوّرة، فاغتنى كثيراً أصحاب بنوك ومكاتب صيرفة ولم تطاولهم المساءلة، وهناك مَن يؤكد أنَّ لأغلبهم شركاء من كبار القادة السياسيين المتنفّذين في الدولة. ومع الوقائع الدامغة التي نُشرت حول هذه القضية المُشبَعة برائحة الفساد والاعتداء على حقوق المواطنين ونهب ثروات البلد، فإنَّ إجراءً حاسماً مقنعاً ضدّ مَن تطاولهم الشبهات من أصحاب المصارف والبنوك ما تزال "قيد النوايا"!
البنك المركزي اكتفى، مذ أُثيرت قضية البنوك والشبهات حول تلاعباتها وعلاقة ذلك بنافذة البيع، بالإعلان عن عددٍ من العقوبات ضد المتجاوزين، وهي لا تعدو كونها "عقوبات مالية" يدفعها العابثون بالمال العام بطيب خاطر، لأنّها لا تشكّل أدنى نسبة مما تمّ الاستيلاء عليه عبر الغشّ والتزوير والتلاعب. والحال على ما هو عليه بالنسبة للقضاء الذي وُضع كلُّ ما توفّر من وثائق تحت تصرفه، من دون أن يخرج إلى الملأ ما تمّ التوصّل إليه من إداناتٍ أو براءة ذمة. ومن الممكن أنَّ المحاكم التي أُحيلت إليها القضايا قد حسمت البعض منها وأصدرت بشأنها أحكامها بالإدانة أو بالبراءة، لكنَّ الإعلان عنها يُشكّل جزءاً من الأحكام التي ينتظرها الرأي العام لاتّصالها بظاهرة الفساد وآفاتها التي تلحق الأذى بمصالح المواطنين مباشرة، ناهيك عن الصالح العام.
الإعلان عن إجراء يتّخذه البنك المركزي لحماية المودّعين من تجاوزات البنوك، سيظلّ مجرّد إعلانٍ، أو "هواء في شبك"، ما لم يتحوّل، كخطوة أوّلية، إلى وضع اليد على البنوك والمصارف المخالفة، وإصدار قرارات قضائية احترازية بمنع سفر أصحابها ومدرائها المتورّطين، إن تعذّر تجميد أموالهم المنقولة وغير المنقولة.
وهذا حقٌ أوّليٌ للمواطن وواجبٌ مُلزمٌ بحُكم المسؤولية للبنك المركزي، لكي لا يكون كلامه هو الاخر، وهذه المرة أيضاً :
" هواء في شبك " ..!
البنكُ المركزيُّ إذْ يتفرّجُ على شفطِ ودائعِ المواطنين ..!
[post-views]
نشر في: 11 يونيو, 2016: 06:41 م