الاستغراب تسيّد الوهلة الاولى لمنظر ما يعرف بـ(الستوتة) المحملة بخزان توقعته لاحدى المشتقات النفطية كما هو معلوم، حتى ان صديقي أضاف على الأمر مزحة يبدو ان بيع البنزين للموالدات البيتية بات على طريقة المطاعم (دلفرلي) إلا ان صاحب محل الاسواق الغذائية ا

الاستغراب تسيّد الوهلة الاولى لمنظر ما يعرف بـ(الستوتة) المحملة بخزان توقعته لاحدى المشتقات النفطية كما هو معلوم، حتى ان صديقي أضاف على الأمر مزحة يبدو ان بيع البنزين للموالدات البيتية بات على طريقة المطاعم (دلفرلي) إلا ان صاحب محل الاسواق الغذائية اوضح الامر هذا بائع ماء جوال ( R.O ) على طريقة بائعي النفط في الشتاء. لم يكن امام صديقي إلا ترديد المثل المصري الشائع في الافلام والمسسلات (الرزق يحب الخفية).

حلقة وصل انسانية
على صوت أحد الاطفال توقّف ابو كرار بائع الماء الجوال الذي يعرف محليا بـ( R.O ) ليبدأ بملء قنينة الماء فئة 30 لترا لقاء مبلغ 1000 دينار حيث بيّن انه يشترى كمية تقارب الـ(500) لتر من محطات تصفية وتنقية الماء المنتشرة في كل المناطق السكنية بسعر مناسب يضاف له مبلغ معين يُعد حسب تعريف مبلغ النقل او الايصال حيث ذكر ان ثمن تعبئة القنينة في المحطات لايتجاوز الـ(500) دينار. مردفا: بسبب رمضان وحرارة الشمس يتماهل البعض من الذهاب الى المحطات لتعبئة الماء لذا بتنا حلقة وصل بين صاحب المحطة والمواطنين.

تقنية التناصح العكسي
بعض الناس لايرغب بشراء هذه النوعية من الماء مفضلا تعبئة المعامل المعروفة التي يعدها أمينة وصحية حسب استخدامها او سمعة تلك الماركة في السوق ، المهندس التقني كريم محسن افتتح قبل ايام محطة معالجة ماء ( R.O ) تحدث عن تجربته الحديثة مثلما وصفها حيث عدها بالأمينة والصحية والاكثر ملائمة من مياه المعامل الاخرى او العبوات الجاهزة اذ كانت القناني الصغيرة او تلك الكبيرة فئة الـ(30) لترا. وعن كيفية تحلية وتنقية الماء ذكر يعتقد البعض من الناس ان فلتر
( R.O ) هو احد انواع فلاتر الماء والأمر ليس كذلك. موضحا: ان ( R.O ) نظام يستخدم لمعالجة مياه الشرب حسب نظرية التناضح العكسى (النفاذية العكسية) من خلال ممرين (مادة سليولوزية ذات طبيعة شبه نفاذة وبدون اي تدخلات كيميائية). مستدركا: ويتم ذلك بعد احكام التخلص من كافة الملوثات والشوائب والعوالق الدقيقة والمواد العضوية واية اثار لتفاعلات الكلور مع المركبات الكيميائية المختلفة.

لا وجود لمواد كيمياوية
وبشأن الغرض من استخدام الجهاز واهميته ودوره في تقديم تنقية المياه ذكر محسن: ان الغرض الاساس من الجهاز هو التنقية و التعقيم الكلي للمياه والتخلص من كل انواع البكتريا والفيروسات والفطريات وبقية الشوائب الاخرى. مشددا: ان الجهاز يعمل في بيئة مياه تصل ملوحتها حتى 1500 جزء بالمليون اذ كانت مياه اسالة او مياه آبار.
يتخوف الكثير من الناس من المواد المستخدمة في تقنية ماء ( R.O ) لكن المهندس التقني كريم محسن طمأن الناس بعدم استخدام أي كيمياويات أو أشعة في عملية التنقية وازالة الشوائب. مردفا: تتم المعالجة بنظام RO على البارد فلا يتم استهلاك طاقة لعملية تسخين المياه مثل تقطير المياه .مشددا: ان المواد المصنع منها الجهاز عبارة عن مواد بلاستيكية أو بيوسيراميك أو بولي بروبلين فلا يحدث أي صدأ أو تغيير بطعم الماء الذي يبقى محافظا على خواصه.

تلوث وأملاح
وصلت نسبة الأملاح في مياه الشرب التي تنتج وتضخ في انابيب الاسالة الى البيوت بحدود 400 درجة، ما يعني عدم صلاحيتها للاستخدام البشري مطلقا، الأمر الذي اجبر الكثير من الناس على اتباع عدة طرق للحصول على مياه صالحة للشرب منهم من استعان بالعبوات الجاهزة واخر بمياه
( R.O ) وثالث فضل حبوب تعقيم بعد غلي الماء لدرجة حرارة معينة ثم يترك ليبرد وهكذا ومنهم خاصة الفقراء ظل مستخدما لمياه الاسالة على ماهي عليها من تلوث واملاح وأطيان تترسب بطبقات في حزانات الماء البيتية.
إلا ان المديرية العامة للماء في وزارة البلديات والاشغال العامة تؤكد ان الفحوصات المختبرية تكاد تكون يومية وان لديها تقارير دورية. مبينة: ان هناك اكثر من جهة تفحص المضخات ومحطات التصفية الموجودة في جميع مناطق بغداد وبقية المحافظات. مشددة: أن التقارير التي ترد المديرية من الوزارات تؤشر سلامة المياه في المحطات التي تشرف عليها. مردفة: انها تكاد تكون بالدرجة ذاتها التي تتوفر في المياه المعلبة المستوردة التي يستخدما الكثير من المواطنين.

تنقية مياه بدائية
إدارات محطات المياه تؤكد صلاحيتها للاستهلاك البشري بفضل عمليات تنقية متعددة ومكثفة تقوم بها حسبما تدعي رغم ان خزانات الماء تقول عكس ذلك تماما بل تؤكد عدم صدق هذه الادارات التي مازالت تعمل وفق تقنية قديمة غير خاضعة لشروط ومعايير علمية وصحية بموازاة ذلك، وحسب مسؤول في احدى المضخات التي تقع على القناة شرقي بغداد ان المضخة عبارة عن حوض كبير يصب فيه الماء الخام، تضاف له مادة الشب والكلور، ثم يمرر عبر فلاتر قديمة اغلبها مليئة بالرمل والحصى الصغير. مستطردا: بعدها تذهب المياه الى بحيرة تختلف مساحتها وعمقها من محطة الى اخرى لكنها لاتقل عن 100 متر /م وعمق 3 امتار، حيث تشغل الغطاسات بعد ملء البحيرة لتحويل الماء الى احواض يضاف لها مادة الشب في الاحواض. مبينا: لتنتهي العملية بضخ الماء المرسب في الاحواض الصغيرة عبر الفلاتر الى حوض الماء الصافي، لتنتهي باضافة مادة الكلور الى الحوض الاخير قبيل ضخه الى شبكة الماء.

توقف المشاريع الحكومية
الفساد والتقشف تسبب بايقاف العديد من مشاريع الماء منها ما أوقف في مراحل متقدمة ومنها في مراحله الاخيرة قبل الافتتاح اذ كان في بغداد العاصمة او بقية المحافظات التي تشكو من شحة الماء الصالح للشرب وبوجه الخصوص المحافظات الجنوبية عضو مجلس محافظة بغداد علي جعفر ذكر ان من المشاريع الستراتيجية المهمة المتوقفة هي مشاريع الماء التي تخدم مناطق اطراف بغداد في النهروان وبسماية و9 نيسان وبنسبة سكانية تبلغ نحو 200 الف نسمة. مبينا: ان مشروع ماء النهروان بسعة 4 الاف متر مكعب في الساعة متوقف منذ عامين. موضحا: ان نسب الانجاز  فيه وصلت الى 65% . منوها: الى ان سبب التأخير يعود للفساد الاداري والمالي بالاضافة الى عدم التعاون او الاهتمام من قبل وزارتي الاسكان والاعمار والبلديات وعدم صرف التخصيصات المالية للشركة المنفذة. مؤكدا: توقف مشروع ماء المعامل المتكون من ثلاث مراحل انجز منه ما نسبته 85% من المرحلة الاولى وهو الآن متوقف حاليا لاسباب مجهولة.  

إعادة تعبئة القناني البلاستيكية
شحة الماء الصالح للشرب وتوقف مشاريع الماء الماء الكبرى مثل مشروع ماء الرصافة جعل الكثير من العوائل تتجه الى المياه المعبأة التي هي الاخرى تكاد تكون غير مطابقة للمواصفات المطلوبة سواء كانت بجودة الماء او العلب البلاستيكية المستخدمة التي يعيد البعض من اصحاب النفوس استخدامها مرة اخرى سعدون ضاحي صاحب محل لبيع العطور ومواد التجميل وبعد ان انتهى من قنينة شرب الماء الصغيرة ضغط عليها بكلتا يده حتى حولها الى قطعة صغيرة وحين سئل عن سبب ذلك قال: ذات مرة رميت بالعلبة بعد أرجع غطاءها في برميل مخصص لرمي النفايات مع قناني اخرى. مضيفا: ان احد الشباب وما يعرف بـ(الدوار) افرغ البرميل وجمع كل العلب البلاستيكية في كيس اخر وذهب. مردفا: وبعد الاستعلام منه ذكر انه يبعيها لصاحب محل، يعيد بيعها الى محال المرطبات والعصائر او الى المطاعم التي تعيد تعبئتها باللبن.

مواد مسرطنة
تقارير علمية وصحية تحذر من إعادة استخدام قناني المياه المعدنية اذ تنصح  بعدم إعادة استخدام القناني البلاستيكية لفترة تزيد عن أسبوع واحد أو تعريضها للحرارة أو للغسل والشطف المتكرر.
مؤكدة: ان ذلك يعمل على تحلل مادة البلاستيك وبالتالي تسرب العنصر الكيميائي القابل للسرطنة إلى المياه أو السائل الذي بداخل القنينة، الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ذكر ان مختبر الفحص يخضع لادارة جهاز التقييس والسيطرة النوعية في منافذ حدودية تحت اشراف وزارة التخطيط، وهذا المختبر يشغله موظفون مختصون بعملية فحص المياه والمشروبات الاخرى وبعض المواد الغذائية.
مشيرا: الى ان بعض قناني الماء عندما تفحص تراها صالحة للشرب ولكنها تتأكسد لرداءة المواد البلاستيكية بمرور الوقت، وربما بعد مرور اقل من شهر تتحول الى مياه ضارة وغير صالحة للشرب.

فحوصات مختبرية تؤكد
تعتمد الجهات المسؤولة عن صحة المواطن على العلاج أو الطرق الوقائية والتحصين من الامراض خاصة الانتقالية او الفايروسية مثل استخدم المياه غير الصالحة للشرب ، كاظم محمد حسن معاون مختبري ذكر ان بعض الاهالي يأتون بعيّنات من ماء الاسالة ومن مناطق مختلفة من العاصمة بغداد لغرض التأكد من صلاحيته. مستدركا: لكن للأسف الشديد ان اغلب الفحوصات ونتائجها تدل على عدم صلاحية الماء في شبكات الإسالة. مشيرا: الى وجود ترسبات طينية واملاح ذائبة بنسب عالية.
وبشأن صلاحيات قناني الماء ذكر ان الأمر يختلف من ماركة الى اخرى. مسترسلا: ان بعض الانواع التي تباع في الاسواق لاتصلح للاستخدام ابدا. مشددا: ان بعضها يحوي مواد بكتيرية بنسب عالية اضافة الى الاملاح. مؤكدا: على اهمية العناية بالمياه عبر شبكة الإسالة، داعيا الى ضرورة تسخين الماء  بدرجة حرارة عالية قبل استخدامه للشرب.

حبوب التعقيم والشهادات الصحية
بهاء عبد الرحيم صيدلي أكد حرصه الى توزيع حبوب تعقيم الماء مجانا على أهالي المنطقة. مطالبا بضرورة ايلاء قطاع الماء اهتماما اكبر من الجهات المعنية. لافتا: الى تلوث المصدر الرئيس للماء والمتمثل بالانهار خاصة دجلة والفرات من خلال رمي المخلفات الطبية والصحية بهما. متطرقا: الى تحويل مياه الصرف في بعض المناطق الى النهرين.
فيما دعا سعد ناجي مختبري الى أهمية وجود جهاز فحص نسبة الاملاح في الماء بكل البيوت من اجل التأكد من صلاحية الماء الصالح للشرب اذ كان في الإسالة او القناني المعبأة. مطالبا: الاهالي باعتماد نوعيات معينة ومجربة من قناني المياه الخاضعة لمواصفات الرقابة الصحية وجهاز التقييس والسيطرة النوعية.
كما دعا الجهات المسؤولة متابعة هذه المعامل ومحطات تنقية المياه التي انتشرت مؤخراً والمعروفة بـ((R.O والزام اصحابها وضع اجازة المحطة والشهادة الصحية في مكان واضح، مع اخضاع العاملين في المحطات الى الفحص الصحي الدوري وخلوهم من الامراض الانتقالية.