صدر عن دار المدى كتاب (قصص سيباستوبول.. القوزاق) تاليف ليف تولستوي وترجمة غائب طعمة فرمان يخلق تولستوي في قصة “سيباستوبول في شهر كانون الأول” الشخصية الجماعية للبحارة والجنود وقادة الوحدات، وأهالي المدينة المدافعين عنها ببسالة في وج
صدر عن دار المدى كتاب (قصص سيباستوبول.. القوزاق) تاليف ليف تولستوي وترجمة غائب طعمة فرمان يخلق تولستوي في قصة “سيباستوبول في شهر كانون الأول” الشخصية الجماعية للبحارة والجنود وقادة الوحدات، وأهالي المدينة المدافعين عنها ببسالة في وجه ضغط قوى العدوّ المتفوقة. وما تزال هذه القصة تعتبر حتى اليوم ريبورتاجاً حربياً عن المدينة البطلة التي صمدت لحصار العدو أحد عشر شهراً.
وقصة “سيباستوبول في أيار” مكتوبة بلهجة أخرى. وفيها إدانة قاسية للضباط الأرستقراطيين الذين كان تحركهم إلى سيباستوبول ذا دوافع نفعية، ساعين إلى “اقتناص الصلبان والروبلات” أي الحصول على النياشين والمال.
لقد اضطرت القوات الروسية إلى التخلي عن سيباستوبول. وكان ذلك فاجعة للمدافعين عنها. وقد صوّر تولستوي في قصة “سيباستوبول في آب 1855” بأية مرارة وألم غادرها المدافعون عنها، وكيف كانوا واثقين من أن العدو لن يستمر طويلاً في الاستحواذ عليها!.
وتعتبر قصة ”القوزاق” في تاريخ حياته وأعماله الحد الفاصل وبمثابة الانتقال من عهد إلى عهد. فقد انتهت فترة كاملة من التقصي والبحث المجهدين والمثمرين إلى أقصى حد، ودخل، بعد أن جمع تجربة غاية في الغنى، في مرحلة الإبداع الناضج تماماً والتي كانت حصيلتها العملين الملحميين “الحرب والسلم” و”أنا كارينينا”.
كان أناتول فرانس يقول : “إن تولستوي مبدع اللوحات الملحمية، هو معلمنا المشترك” وهو يعبر في ذلك عن رأي العديد من أدباء جيله.
وكتّاب عصرنا المشاهير يشاطرونه هذا الرأي. يقول غابرييل غارسيا ماركيز: إن “الحرب والسلم” أعظم رواية كُتبت في كل العصور”. ويؤكد ميخائيل شولوخوف على أن “ليف تولستوي سيظل إلى الأبد الذروة العظمى التي لا تُطال في الأدب الروسي والعالمي”.
وقبل نصف قرن صرح الروائي السوفيتي الشهير الكسي تولستوي بأن “ليف تولستوي هو أكاديمية لكل كاتب”.
فلا عجب في أن يتحدث الكتّاب والنقّاد والقرّاء عن روايات تولستوي قبل كل شيء،في معرض إجلالهم لعظمته. فقد تركّزت في هذه الروايات قوة إبداعه الرئيسية.
ولكن غوركي لم يكن يلقي القول جزافاً حين كتب عنه: “إن هذا الإنسان الأسطوري متعدد الجوانب إلى ما لا حد”. فنحن لا ننسى أن إلى جانب تولستوي الروائي كان يعيش ويبدع تولستوي كاتب القصة القصيرة، والمتوسطة، وتولستوي الكاتب المسرحي، تولستوي كاتب المقالة الاجتماعية وتولستوي النظري، وناقد الفن والأدب، وتولستوي كاتب الأطفال والتربوي. فقد كانت تشغله على الدوام قضايا الفلسفة وعلم الاجتماع، والتأريخ والحقوق، وعلم الجمال والأخلاق وحقول المعرفة الأخرى. وكان غوركي على حق تام في تأكيده على أن تولستوي لو لم يصبح كاتباً، لكان عالماً واختصاصيّاً كبيراً في العلوم الطبيعية.