مرت الذكرى الثانية لاحتلال الموصل مرور الكرام، ليس في العراق فحسب، فالإعلام الغربي بدوره لم يعد يحفل بذلك لانشغاله هذه الايام بتدارس تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وصعود نجم دونالد ترامب ومن ورائه اليمين المتطرف.
اذ يعكف الغرب ومراكز أبحاثه على إعادة فحص السرديات التي قدمها منذ انبعاث داعش في المنطقة، وحاول ان يبني ستراتيجيته لمواجهة التنظيم على ضوئها.
عراقياً، فإن جعجعة التصريحات التي تطلق حول قرب تحرير الموصل لم تخفِ تراجع الاهتمام الرسمي بالمدينة، في ظل شلل سياسي تمر به البلاد منذ ان اعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، في شباط الماضي، رغبته باجراء "إصلاح جوهري".
وبعد 4 اشهر من انطلاق ماراثون الإصلاح، وجدت حكومة العبادي ان معارك التحرير تشكل أفضل سلاح للهروب من الاستحقاقات السياسية والاقتصادية.
ولم يعد خافياً على الجميع ان استعادة الموصل باتت مرتهنة الى تسوية محلية واقليمية يصعب إبرامها قبل انتهاء ولاية أوباما رغم محاولتة تمهيد طريق هيلاري كلينتون الى البيت الأبيض من خلال ذلك .
والآن، يراجع الغرب النظريات التي تم تسويقها منذ 2014 لشرح ظاهرة داعش، وسياقاتها الاجتماعية والسياسية التي أفضت الى سيطرتها على مساحة تعادل مساحة المملكة المتحدة، وباتت تستقطب آلاف المقاتلين من أنحاء العالم.
فلم تعد الموصل ذات أهمية للغرب الذي باتت عواصمه ومدنه تحتضن خلايا نائمة لداعش و تهدد بارتكاب مجازر مروعة على شاكلة مجزرة مدينة أورلاند الأميركية التي نفذها عمر متين وأودت بحياة العشرات من مرتادي أحد نوادي المثليين.
وبينما كانت ستراتيجية أوباما تسعى لاحتواء خطر داعش في حدود المنطقة، الا ان الوحش لم يعد على الباب، كما حذر الرئيس الاميركي، بل أصبح يعبث في الدار وأهلها، ويضرب في باريس وبروكسل بلا تردد .
لقد سوّقت الميديا الغربية نظريات عدة حاولت من خلالها وضع الخطط المناسبة لمواجهة التهديد الذي يشكله التنظيم المتطرف، ومن أبرز هذه النظريات يمكن الإشارة بعجالة الى:
1- الأزمة الطائفية:
قد يصح هذا الأمر بالنسبة لدور داعش في العراق الذي تواجه الدولة فيه أزمة طائفية، تمنع استقراره وتماسكه، وبالتالي تضعه في أتون احتراب داخلي متواصل منذ بدايات تأسيسه. فالتهميش قد يدفع الى تبني خيارات عدميّة كداعش.
لكن الأمر ليس كذلك في سوريا التي لم تعانِ من أزمة طائفية تبرر تنامي التنظيمات التكفيرية فيها و تتسبب بكل هذا الدمار .
هذه النظرية لا تصمد ايضاً لتفسير تنامي شعبية التنظيمات الجهادية في بلدان لا تعاني من أزمة تهميش طائفي، كالدول العربية في الخليج وشمال افريقيا.
2- حدود سايكس - بيكو:
حاول بعض المفكرين البحث عن جذر داعش والتنظيمات المتطرفة في جغرافيا المنطقة التي تشكلت وفق خرائط كولنيالية لم تراع الانقسام المجتمعي لهذه الدول. الامرالذي جعل التوتر العرقي والديني احدى سمات هذه الدول.
لكن اصحاب هذه الرؤية لا يقدمون توضيحاً مقنعاً لانعدام النشاط الجهادي، بالشكل الذي نشهده في العراق وسوريا، على اراضي دول خرجت هي ايضا من رحم سايكس بيكو، او تلك الدول الاسلامية التي رسم الاستعمار حدودها في آسيا او أفريقيا.
ويتلعثم مسوّقو هذه النظرية أمام أسئلة تثار عن السرّ الذي يجعل التوانسة والليبيين أكثر الجنسيات المقاتلة تحت راية داعش. وما الذي يدفع أندونيسي او تايلندي يعيش في مجاهل غابات آسيا، او حتى قوقازي او شيشاني، للقتال في ريف حلب او بزول الفلوجة؟!
3- الفقر وتراجع التنمية:
هذه من أقدم النظريات التي قدمت لتفسير التطرف وتنامي الحركات الجهادية. ورغم واقعية هذه الرؤية، لكنها لم تصمد أمام انخراط مقاتلين يتمتعون بمستوى تعليمي عال، وينحدرون من عوائل غنية، ضمن صفوف القاعدة سابقا وداعش والنصرة حاليا.
ما تقدم مجرد إثارات سريعة بشأن ما سوّقه الإعلام الغربي وردّده الإعلام العربي، منذ انتكاسة حزيران، حول اخطر تهديد واجهته الدولة العربية الحديثة في كل من العراق وسوريا. فما لم تقدم الأجوبة الجوهرية لانبعاث داعش في المنطقة، سيكون علينا التكيّف للعيش طويلاً مع سلالاتها المتناسلة .
الأساطير المؤسَسة لداعش
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2016: 06:15 م
جميع التعليقات 1
ابراهيم الشمري
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. .ﻻ أدري لماذا تتحاشى ذكر ايران دائما؟ فانك تبحث عن جذور داعش وﻻ تذكر ان ﻻيران تعاون مع داعش..في التحقيق الجنائي يفتش المحقق عن المستفيد من الجريمة ويحقق هل هو الذي قام بها؟ ولو نظرنا الى ما قامت به داعش من الذي