TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > " روح بعيد " ياديمقراطي

" روح بعيد " ياديمقراطي

نشر في: 15 يونيو, 2016: 06:55 م

كنت ولا أزال أقول وأكتب دائماً  : إن الصمت  عن الخراب الذي حل بالعراق ،  شراكة في المسؤولية تتحملها جميع القوى السياسية ، لأن  مصائر البلدان لا يمكن أن تُترك لنهّازي الفرص من النواب الذين  اكتشفوا بعد " خراب البصرة " فجأة  أن لامحاصصة بعد اليوم .
إنّ أفظع ما يدور من جدل  مخجل  ، هو أن الجميع يتساءل: من يقف وراء الخراب الذي حل بنا ، ومن صنعه  ، ويضحك ذوو الإجابة " الجاهزة " ويقولون مع ابتسامة " ساحرة " : طبعا الامبريالية ووراءها الصهيونية ، ومثل هؤلاء هم الذين  صفقوا لشعارات  السيادة ، واعتقدوا انها ستنقذنا من الفقر والقتل والجهل ، هؤلاء يرون في خطب الفتلاوي " التوازنية " علاج لأمراض هذه البلاد  .
لقد عشنا خلال الاشهر الماضية في جدل مثير حول الاحتجاجات ، والاصطفافات السياسية ، وتداول العراقيون في الفيسبوك مصطلح الدولة المدنية  وكلمة العلمانية ، كلاّ حسب مزاجه وتفسيره ومقاسه ، ووصل الامر أن تم تبادل الاتهامات  بخيانة الاحتجاجات ، ولكلّ الاطراف مبرراتها وحججها ، إلّا ان الجدل الأهم كان في الصبغة التي اراد البعض ان يطلقها على هذه الاحتجاجات ، هل هي التظاهرات  يقوم بها التيار المدني ، الذي لايملك سوى اصوات تنادي بالاصلاح  ، أم التيار الصدري الذي يشكّل ثقلا كبيرا في الشارع العراقي،  وله قاعدة سياسية متمثلة بنواب ووزراء ووكلائهم وعشرات اصحاب المناصب الخاصة  
نتذكر جميعا ان العراقيين خرجوا  عام 2011  بالآلاف في ساحات الوطن احتجاجا على  الفساد الذي ضرب جذوره في هذه الارض ، وللمطالبة بإجراء تغيير سياسي شامل يعيد للمواطن كرامته وحقوقه التي أُهدرت ، ونتذكر جميعا ان كل احزاب السلطة آنذاك اصطفت لإفشال التظاهرات وتشويه صورتها ، ولا أُريد أن أُعيد على  مسامعكم  المقولات الشهيرة لنواب هم الآن يقودون جبهة الإصلاح ، وكيف اتهموا المتظاهرين آنذاك بأنهم ينفذون أجندة " بعثية " ، بل إن البعض من هذه الاحزاب كانت تعيب على المدنيين انهم ينادون بدولة " مدنية " التي هي بشرع الاحزاب الدينية كفر وفسوق .
 السجال الدائر اليوم حول التظاهرات  ، يذكّرني بقصة  شهيرة بطلها المفكر  المصري أحمد لطفي السيد الذي قرر ان يرشح للانتخابات  ، فوجد نفسه أمام منافس ، هو رجل ثري ، كان يردد امام الناخبين لطفي السيد لايصلح لتمثيلهم  لأنه  ديمقراطي  ، وسألوه ماذا يعني ديمقراطي  ، قال انه يبيح أن   تُعدّد المرأة أزواجها ، فأنكر الناس هذه الديمقراطية  ، وذهب البعض  منهم للتأكد بانفسهم من صحة ما سمعوه ، فسألوا لطفي السيد  هل صحيح أنت ديمقراطي ؟   فابتسم الرجل  وقال  : نعم أنا ديمقراطي   وأفخر بديمقراطيتي ، فخرج الناخبون وهم يصرخون " روح بعيد ، الله لايوفقك ياديمقراطي !"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram