TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيفَ نضمنُ تطبيقَ قرارِ البنكِ المركزيِّ؟

كيفَ نضمنُ تطبيقَ قرارِ البنكِ المركزيِّ؟

نشر في: 18 يونيو, 2016: 03:40 م

الجديدُ في آخر قرار للبنك المركزي على صعيد بيع الدولار الأميركي إلى المسافرين بالسعر الرسميّ مقابل الدينار، المنخفض عن سعر السوق، أنه خفّض الحدّ الأعلى المسموح ببيعه للمسافر إلى ثلاثة آلاف دولار بدلاً من خمسة آلاف.
الرقم الأخير، خمسة آلاف، هو رقم افتراضي في الواقع، ففي الأعمّ الأغلب لم يكن إلا عدد محدود من المسافرين في إمكانه شراء أيّ كميّة من الدولارت بالسعر الرسميّ، لكنَّ ملايين من الدولارات كانت المصارف تجري عليها عمليات بيع وشراء لـ "مسافرين" بعينهم، وقسم كبير من هذه الدولارات المباعة افتراضاً للمسافرين كان يُضخُّ في السوق ويباع بسعره، ما يُحقِّق أرباحاً طائلة لصرّافين وأصحاب مكاتب سياحة وسفر وموظفين في المصارف متواطئين معهم.
المشكلة أنَّ القرار الأخير للبنك المركزيّ يُمكن أن تكون وجهة الدولارات الناجمة عنه شبيهة بوجهة دولارات الترتيب السابق، فالصرّافون إيّاهم موجودون، وأصحاب مكاتب السياحة والسفر موجودون، وموظّفو المصارف الفاسدون موجودون هم أيضاً.. والجميع يمكن له أن يجدها فرصة جديدة للإثراء غير المشروع.
لا ضمانة بأنَّ المسافرين، عندما يحملون جوازات سفرهم وتذاكر السفر إلى المصارف المخوّلة ببيع الدولارات بالسعر الرسميّ، سيجدون ما يطلبون. احتمال كبير أن يسمعوا من موظفي هذه المصارف كلمة: "خلَّصنا"، أي أنه لم تبق لديهم دولارات للبيع، بل قد يزعمون، مع القسم بأغلظ الأيمان، أنهم لم يتسلّموا الدولارات في الأساس هذا الأسبوع أوالذي سبقه، فهذا ما كان يحصل سابقاً يوم كان الدولار متاحاً بخمسة آلاف لمسافري السياحة وبعشرة آلاف لمسافري العلاج.
إذا كان البنك المركزيّ جادّاً في السعي لقطع كلّ دابرٍ للغشّ، وسائر أشكال الفساد، في عملية بيع الدولار إلى المسافرين بالسعر الرسميّ، يلزمه أن يتّخذ الإجراءات الكفيلة بحصول طالبي الدولار من المسافرين الحقيقيين على بُغيتهم. هذا يُمكن أن يتحقّق، بنسبة كبيرة، عبر بيع الدولار داخل المطارات، وذلك بتمكين حاملي بطاقات الصعود إلى الطائرة من شراء حاجتهم من الدولار قبل توجُّههم إلى الطائرة. إجراء كهذا سيضمن عدم تسريب دولارات السفر إلى الصرّافين وأصحاب مكاتب السياحة والسفر عبر الفاسدين من موظّفي المصارف، فليس بوسع هؤلاء هذه المرّة الاتفاق مع أشخاص فقراء، معظمهم نِسوة، على استخراج جوازات سفر والحصول لهم على تذاكر سفر مُزيَّفة ( تُلغى حجوزاتها لاحقاً بعد انتهاء عملية بيع وشراء الدولار المُفترضة)، والدفع لهم بضعة من عشرات الآلاف من الدنانير في مقابل هذه "الخدمة"، كما كان يحصل في السابق على نطاق واسع.
هذه مُجرّد فكرة، ولابدّ أنَّ لدى أهل الاختصاص والخبرة من داخل البنك المركزيّ وخارجه أفكاراً شتّى تفيد في تحقيق الهدف المبتغى من قرار البنك المركزيِّ الأخير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram