اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ يمكنه إخفاء الحقيقة إلى الأبد؟

مَنْ يمكنه إخفاء الحقيقة إلى الأبد؟

نشر في: 19 يونيو, 2016: 02:50 م

حسناً فعل بعض المسؤولين في فصائل الحشد الشعبي بالاعتراف بحصول انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء العمليات العسكرية لتحرير الفلوجة، مع أنهم عموماً سعوا للتهوين منها كثيراً ولإيجاد ذرائع ومبررات لها، فالإنكار لا يفضي إلى شيء مع واقع أن الحقائق حتى إذا أُخفيت اليوم ستظهر بتفاصيلها في يوم ما وإن طال الزمن.
بالطبع لا توجد على مدى التاريخ حرب خالية من صفحات سوداء. حتى أقدس الحروب، بما فيها حروب التحرر الوطني، كان فيها جانب مخزٍ وباعث على الشعور بالعار. يكفي أن يموت شخص واحد بريء لوصم هذه الحرب بالقذرة، فليس في وسع أحد أو قوة التراجع عن الخطأ من هذا النوع إعادة الحياة الى المقتول من دون ذنب، وما من ثروة أو كلام يمكن أن يعوّضا أُمّاً أو زوجة أو حبيبة أو أختاً أو ابنة أو أباً أو زوجاً أو أخاً أو ابناً، عن الخسارة الفادحة الناجمة عن القتل في الحرب، خطأً وقع أو عمداً.
الحرب ضد داعش لم تزل في بدايتها تقريباً، ففي الانتظار ثمة معارك، يمكن أن يطول أمد البعض منها، سيتعيّن على القوات المقاتلة بكافة صنوفها، خوضها مع داعش لتحرير سائر المناطق المحتلة وفي مقدمها مدينة الموصل، واحتمال الخطأ وارتكاب الانتهاكات قائم دائماً.
الاعتراف بحصول الانتهاكات في الفلوجة مهم لعدم تكرارها في المعارك المرتقبة، أو في الأقل الحدّ منها، وعدم تكرار الانتهاكات أو الحدّ منها سيجعلان مهمة قوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة أسهل في مقاتلة داعش وتحقيق النصر عليه في أقصر مدّة وأقل كلفةً بشرية ومادية.
منذ سنة عرض برنامج "بانوراما" الشهير في القناة الأولى لتلفزيون (بي بي سي) تحقيقاً فضح نشاطات إرهابية لحكومات بريطانيّة مختلفة، بواسطة أجهزة استخبارية وعسكرية بالتعاون مع ميليشيات محلية وقتلة مأجورين، أدت الى قتل مئات من النشطاء السياسيين والمدنيين من المطالبين بالاستقلال لآيرلندا الشمالية، طوال نحو أربعة عقود (1960 – 1998).
البرنامج الذي أثار ضجة كبيرة في الداخل والخارج وأدّى إلى فتح تحقيق في القضية، استند إلى وثائق وشهادات حيّة لأشخاص عديدين، بينهم عناصر سابقون من الأجهزة الاستخبارية والعسكرية البريطانية.
هنا أيضاً، في يوم ما، ستعمل فرق صحفية، مثل فريق بي بي سي، على البحث عن حقيقة ما يجري الآن ارتباطاً بعمليات التحرير، وما جرى طوال السنوات السابقة، وستستند هذه الفرق، كما فريق بي بي سي أيضاً، إلى وثائق وشهود عيان، وستظهر الحقيقة ناصعة وساطعة. يومها سيُدان ليس فقط مَنْ ارتكبوا الانتهاكات، بل أيضاً أولئك الذين سعوا لنفيها والتستّر عليها وعلى كلّ الحقائق الموجعة المتّصلة بسيطرة داعش على ثلث مساحة البلاد، وبكلّ الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي.. وسيُفتضح كلّ تقصير وتواطؤ، حكومي وغير حكومي، مهّدا الطريق أمام داعش ليرتكب جرائمه المهولة بدم بارد.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين هذا هو المطلوب ومن الآن وبهذا التاريخ ٢٠/٦/٢٠١٦ يجب ان تبدأوا بالاستقصاء عن هذه الجرائم والأنتهاكات المهولة التي ارتكبت بحق ملايين الأبرياء من بداية من من الموصل ثم الأنبار ثم الفلوجة من قتل على الطريقة السادية الفاشية التي ارتكبتها فرق ا

  2. بغدادي

    السيد (بغداد) أني معك فيما كتبت ولكن يبدوا hk نسيت او تناسيت ولم تتطرق له ما قامت به فلول وعصابات داعش من قتل وحرق واعتداء واغتصاب للنساء في كل المناطق التي احتلتها داعش وبظمنها الفلوجه...هل تتذكر المجرم الزرقاوي ؟؟؟ا

  3. عمر عدنان حسين

    هناك مثل والدي كان دائما يقول لي ان حبل الكذب قصير

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram