TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نقـاط التقـاء

نقـاط التقـاء

نشر في: 20 يونيو, 2016: 09:01 م

هل أسعدهم النبأ ؟ تحررت الفلوجة فهل سيعودون الى ديارهم ؟ سأل زميلي بفضول من لا يعرف معنى ان يغادر المرء مدينته .. داره .. ملاعب طفولته وصباه ..مدرسته وذكريات حبّه الأول ..وأن يتحول بين يوم وليلة الى نازح يسكن الخيام ويتحمل البرد والحر والجوع ونظرات الحرمان في أعين صغاره ...بدا زميلي سعيداً لا بتحقيق النصر وطرد  داعش، بل بسرعة الخلاص من النازحين الذين زاحموا أهل المدن وجعلوا حياتهم أصعب ..انه يراهم عبئاً لابد من زواله ويعتبرهم متهمين بما آل اليه مصيرهم ..
من جهتهم ، يشعر النازحون بمشاعر متناقضة فحلم العودة المنتظر سيتحقق لكنها عودة يرافقها ألم ممض وخوف من المجهول الذي ينتظرهم بعد ان عاشوا اسرى المجهول لسنوات وهم حائرون بين البقاء تحت قبضة داعش او الهروب منها لأنهم متهمون في كلا الحالتين فمن بقي منهم متهم بقبول واقع يمسك داعش بتلابيب قيادته ومن خرج منها متهم ايضا بعدم الدفاع عن مدينته والوقوف بوجه داعش ..لهذه الأسباب دفع النازحون ثمناً باهظاً ..سيعودون حتماً وليطمئن زميلي لكنهم لن يجدوا منازلهم كما كانت ولا مدينتهم كما تركوها ..سيكون عليهم ان يبدأوا من الصفر ولن يكون الأمر مستحيلا ، لكنهم بحاجة الى مَن ينظر اليهم كضحايا سواء من الحكومة التي يجب ان تأخذ على عاتقها تسهيل سُبل المعيشة في مدن واقضية تدمرت فيها البُنى التحتية تماماً وبقيت فيها مخلفات الحرب من عبوات وألغام مدفونة او من سكان المدن الذين عاش النازحون بينهم في مخيمات او هياكل بنايات او منازل مستأجرة وفقد بعضهم ماء وجهه من أجل إطعام عائلته بعد ان فقد مأواه ومصدر رزقه ...
على النازحين ايضا ان يتذكروا كل الأيدي التي امتدت اليهم بالخير والعطاء وكل باب فتحت لهم وكل لقمة قُدِّمت لهم وكل قطرة دم سالت من اجل عودتهم الى ديارهم ، وأن يشمروا عن سواعدهم ليبنوا مدنهم من جديد على أُسس راسخة هذه المرة وألا يتركوا انفسهم فريسة للخداع الديني والسياسي..
يقول الدوس هكسلي إن " أهم درس يمكن ان نستفيده من التاريخ هو ان البشر لا يستفيدون كثيرا من دروس التاريخ" ولكي نسعى الى بناء وطن لابد لنا اولا من بناء الانسان وبناء الانسان لن يكتمل ما لم يكن مؤمناً بوطنه ، مخلصاً في بنائه بما يمتلك من علم وقدرة على العمل ولن يتحقق كل هذا إلا اذا استفاد من دروس التاريخ وتاريخ بلدنا كان ضحية ايضا لمن حاول تشويه معنى الوطن في قلوبنا ويعمل حاليا على تشظيته وتلوين صورته النقية بألوان قاتمة وشاذة وهجينة ...
أقول لزميلي الذي لم يفتح باباً لنازح او يمنحه لقمة يوما ألا يترك نفسه نهبا للشماتة او الفهم الخاطىء، بل يحاول ان يشارك في تضميد جراح الوطن بالايمان بشراكتنا فيه جميعا، فجرحنا واحد وعلاجه البحث عن نقاط التقاء لاستعادة صورة الوطن النقية ومحو كل آثار التشويه المتعمد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram