الحكومة قرّرتْ بمنتهى الحزم أنْ تُحارب الفساد، وأنّها مشكورة تذكّرنا في الأُسبوع، سبع مرات بأنها لن تتهاون في محاسبة سرّاق المال العام، وفي كل مناسبة يطل السيد حيدر العبادي ليقول للعراقيين: لامكان للفاسدين في مؤسسات الدولة، طبعا مع رشّ كمية من الوعود التي ابتدأت بورقة الإصلاح، وانتهت بلعبة قِطَع الشطرنج المتنقلة في دوائر المفتش العام.
قبل عام قال العبادي انتظروا وسترون كيف أنقضّ على رؤوس المفسدين، دون أن يخبرنا مَن هي هذه الرؤوس التي أينعت ولم يحن أوان قطافها بعد، وقال ايضا أطلب منكم ان تساعدوني في مهمتي وأنا أُداهم أوكار اللصوص، دون أن يحدد خريطة واضحة بمواقع الاوكار هذه وأصحابها.
بعد سماع أول خطاب للعبادي كنتُ أول المرحّبين بهذه الخطوات " الجبّارة " وقلتُ لنحاول أن نتفهّم وجهة نظره " الإصلاحية، وبعدها نرى، وكان العبادي عند وعده، فإذا كانت رغبة الجماهير أن يحارب الفاسدين ويقتلع جذورهم، فليكن تغيير في الهيئات المستقلة، وليتحول مفتش شبكة الإعلام الى قائد حركة تغيير الإعلام العراقي نحو "الذرى". وليذهب الفاسدون معزّزين مكرّمين برواتب تقاعدية مليونية وجوازات سفر دبلوماسية.
لا يحتاج العراقيون إلى مزيد من الإصلاح، وعليهم ان لا ينتظروا معجزات ربما يحتاجون إلى طرح سؤال عادي جداً، وجدته منشوراً على صفحة الكاتب والإعلامي نبيل الربيعي،، السؤال يقول بأيّ منطق قانوني يستولي حزب الدعوة على مطار المثنى ومنشآته، وربما سيقول آخر إنها الاتفاقات السياسية التي جعلت المنطقة الفلانية للحزب الفلاني، والقصور الرئاسية بيد الشخص العلاني، وبيوت المنطقة الخضراء من حصّة فلان وفلان، ونهر دجلة يُسجَّل طابو باسم الكتلة السياسية التي جاهدت في سبيل تخليصنا من الدكتاتورية.
أعتقد، وربما لا يوافقني العبادي على ذلك، أن العراقيين يحتاجون قبل أي مشروع إصلاحي، الى دولة مؤسسات، يحكمها القانون ويُحاسب فيها المخطئ. العراقيون يحتاجون الى قرارات، جدّية في ملاحقة الفساد، دون تواطؤ، وأن يكون الرأي العام شريكاً فى معرفة ملفات الفساد هذه،،
خُطب العبادي الإصلاحية ذكّرتني بالسيدة المصرية التي كانت عائدة من السوق ووجدت كاميرا تلفزيونية تستطلع آراء المواطنين بمواقف الرئيس الاميركي أوباما، فأمسكت بالمايك وصرخت: "أوباما شت آب يور ماوس"، كانت تريد ان تقول: اغلق فمك يا اوباما، فوجدت نفسها تقول: "أسكت فأرك يا أوباما".
ولهذا اتمنى ان يوقف العبادي فأره الاصلاحي، وان لا ياخذنا معه مُشجّعين في مدرّجات الدرجة الثالثة!
"شت آب يور ماوس" العبادي
[post-views]
نشر في: 22 يونيو, 2016: 06:47 م
جميع التعليقات 1
محمد سعيد
الحقيقة المرة التي لا يمكن ان يستوعب ابعادها اولياء الامور في دوله ضاعت وحكومة تبددت ,والذين ظلوا يرددون الاصلاح والانقضاض علي رؤوس الفساد ,تتجلي في انهم راس البلاء ويجب اقرارهم اولا في فشلهم وتحملهم المسؤولية الكاملة من ناحيه , وضرورة المثول