ممّا يُروى من طرائف تاريخنا أنَّ رجلاً تقدّم إلى اﻹمام اﻹشبيلي ليسأله سؤالاً لا يسأل مثله إلّا أهبل أو مُستهبل. والسؤال هو: ما الكموج؟، فردّ الإشبيلي بسؤال: أين قرأتَها؟.. أجاب الرجل: في قول إمرئ القيس:" وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَه.."، فقال الإشبيلي بنبرة جادّة: الكموج دابّة تقرأ ولا تفهم..!
بعضٌ من أخواتنا وإخواننا النواب، ومن سواهم ممَّنْ وضعت أقدارُنا التعيسة أمورنا في أيديهم، يصرّ على أن نكون من نوع الدواب الذي أشار إليه الإمام الإشبيلي.
كمن اكتشف قانون الجاذبية أو اخترع الكهرباء، صرّحتْ مقرِّرة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، إقبال عبد الحسين، أمس بأنّ "هناك شخصيات دبلوماسية بزمن صدام حسين وحالياً أيضاً يعلمون بوزارة الخارجية العراقية.. ويمثلون العراق خارجياً"(السومرية نيوز).
بالنسبة لي، ليست مشكلة كبيرة أن يوجد بعثيون سابقون في وزارة الخارجية وفي سواها، فلم يكن كلّ البعثيين سيئين. لكنَّ مشكلتي هي مع السيدة النائبة عن دولة القانون التي يبدو أنها لم تصحُ إلّا الآن على حقيقة وجود بعثيين في وزارة الخارجية، فالمفترض أنها تعرف حقّ المعرفة، كما كلّ العراقيين، أن البعثيين موجودون في كل مفاصل الدولة، ويحتلّ البعض منهم مواقع مهمّة للغاية حتى في الأجهزة الأمنية والعسكرية. وعدد غير قليل من هؤلاء هم من أسوأ البعثيين من المتورطين في عمليات القتل والتعذيب في حقبة العهد السابق. هؤلاء استطاعوا بقليل من الفهلوة التقرّب مِن كبار مسؤولي الدولة، بمن فيهم زعيم الكتلة التي تنتمي إليها النائبة، والتغلغل داخل أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة بعد إطلاق لحاهم ووضع خواتم في أصابعهم وتسويد جباههم.. بل إنَّ البعض لم يجد ضرورة لذلك.
منذ أيام كتب الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة جابر الجابري عن واحد من هؤلاء ممّن وجد طريقاً سالكة بكلّ يسر إلى مناصب عليا في وزارة الثقافة وفي أحد أحزاب الإسلام السياسي، المجلس الأعلى الإسلامي، (ألفتُ انتباه السيدة النائبة إلى صفحة السيد الجابري في فيسبوك لقراءة التفاصيل). ولا أظنُّ أنّ السيدة النائبة غافلة عن تاريخ نقيب الصحفيين مثلاً ورؤساء نقابات أخرى ممن كانوا يُطبّلون ويُزمّرون لصدام حسين ونظامه فيما يحظون اليوم بكلّ التبجيل والتقدير من زعيم كتلتها، نوري المالكي، ومن زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم وزعيم الحزب الإسلامي ورئيس مجلس النواب وسائر قيادات الإسلام السياسي.
الطريف أيضاً في تصريح النائبة الدولة قانونيّة أنها تقترح خطة "للتخلّص" من بعثيّي وزارة الخارجية بـ"فتح دورة جديدة للسفراء والدبلوماسيين لتجديد الدماء والوجوه بالسفارات العراقية". والطرافة هي في أنَّ مقرّرة لجنة العلاقات الخارجية النيابية لا تعرف، أو تعرف وتتغافل، أنَّ مقاعد المعهد الدبلوماسي استحوذ عليها رفاقها في دولة القانون والأحزاب والكتل الإسلامية الأخرى لصالح أفراد عائلاتهم غير مكتفين بأنّهم كانوا من قبل قد حجزوا المناصب المهمة في السفارات قاطبة لأفراد آخرين من عائلاتهم، وهم، إلّا القليل جدا منهم، لا يستحقّون أنْ يكونوا فرّاشين في هذه السفارات، مع كامل الاحترام والمحبّة لفرّاشي السفارات وسائر مؤسسات الدولة.
ما معنى الكموج؟!
[post-views]
نشر في: 26 يونيو, 2016: 06:31 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
انا اسال لاننى لا اعلم الكثير حول وجود بعثيين فى مناصب الدولة العليا-السؤال الاول هو هل كانت الاكثرية من الشعب العراقى فى 40 سنه من حكم البعثيين من البعثيين عقيدة وانتماء----او كانت هده الاكثريه انتهازيه؟؟؟؟هناك نوع من التطابق الجزئى بين البعثيين والعرب