اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإمام عليّ ومعركة الفلّوجة

الإمام عليّ ومعركة الفلّوجة

نشر في: 26 يونيو, 2016: 06:56 م

كان عبد الرحمن الشرقاوي علامة من علامات الثقافة العربية  ، انتمى لليسار المصري منذ شبابه ، وتولّع بكتاب رأس المال ونهج البلاغة واعترافات جان جاك روسو، وأُغرم بكتاب فولتير في التسامح ومقدمة ابن خلدون ولزوميات المعرّي  ،  فأصبح يشرحها لقرّاء مقاله الأُسبوعي في مجلة روز اليوسف  ، يكتب في إحدى هذه المقالات الممتعة  أنه  " في قريته الصغيرة  في محافظة المنوفية،  كانت أُمه تحدّثه عن صلابة عمر وعدل عليّ ، وكان حديثها عن تضحية الحسين يسحره  ، فيجد في كلماتها    تعبيراً حقيقياً عن آلام  الناس ومعاناتهم "  .ويضيف " بعد أن ضاقت بنا سُبل التقدم والرفاهية والاستقرار ، ويفتك بعضنا بالآخر، والناس ، ارتأيت أن أكتب شيئاً عن ذلك وطبعاً كنت قد قرأت نهج البلاغة  وعشت محنة  علي بن ابي طالب  وتأثرت به فوجدته صاحب ثورة إنسانية واجتماعية وفكرية ، فكان لزاماً عليّ أن أُسلـِّط الضوء على هذا الفكر  الذي أنار لي الدرب"  
تذكرت حديث الشرقاوي ، وأنا أستمع اليوم  في إحدى الإذاعات ، لأحد سياسيينا " المؤمنين " وهو يقول إنّ معظم أهل الفلوجه دواعش ، وإن معركتنا معهم ، هي مثل معركة الإمام علي مع أصحاب معاوية  ، وتمنيتُ على هذا السياسي " التقيّ " لو أنه وقف  وقفة حقيقية أمام سيرة الإمام عليّ " ع" وتعلم منها، لكن للأسف فقد ابتلينا بمسؤولين يتحدثون باسم الدين ويسرقون باسم الدين، يصدعون رؤوسنا ليل نهار بخطب عن الحق والعدالة والمظلومية في عبارات فقدت معناها من سوء استخدامها. مَن منكم لم يشاهد صوراً لمسؤولين كبار يقيمون مواكب العزاء ويؤدّون فرائض صلاة الجماعة في بيوت وقصور وضعوا أيديهم عليها بقوّة المنصب والسلاح.
هل تساءل أحدهم كيف مارس علي " ع "  السلطة بأعوام خلافته الأربعة، لم يجد الإمام في الخلافة حقاً استثنائياً في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل  مستأجراً في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة، سيقولون هذه مثالية مطلقة وسنقول لهم إنها عدل شامل، فالخليفة لم يرضَ أن يسكن القصور فيما رعيته يسكنون بيوتا من الصفيح.
كان معارضوه يتجاوزون عليه إلى حدّ شتمه فلا يبطش بهم ولا يمنع عنهم المال ، لأنه يرى أنّ الخلاف أمر شخصي بينه وبينهم، وما بيده من حكم ليس سلطة يقاضي بها مخالفيه في الرأي ،ولكنه يقاضي بها أعداء الناس، فمهمّته إقامة الحق ودفع الباطل، ويقول لابن عباس: "هذه النعل أحب إلي من إمارتكم هذه، إلا أن أقيم حقا أو ادفع باطلا"، البعض من ساستنا ربما يرى في هذه الأفعال نوعا من المثالية والخيال، لأنه يعيش مع علي في مواكب التعزية فقط، ومع معاوية باقي ايام السنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    لقد مرت اكثر من 13 سنه على فتح بغداد والشيعه لم يبنوا لنا دولة ابى تراب--انهم مشغولون بالقشور مثل طبخ الهريسه فى عاشوراء والسبايات واللطم وزيارات الاضرحه المقدسه وصلاة الجمعه-----------الظاهر انهم لايريدون بناء الدولة العلويه لان فقرائهم اصبحوا اكثر فقر

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

 علي حسين مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي...
علي حسين

قناديل: عالَمٌ من غير أحزاب

 لطفية الدليمي ما يحصلُ بين الحزبين العتيديْن في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الامريكية 2024 أمرٌ أبعد من فنتازيا جامحة. هل كنّا نتوقّعُ قبل عقدين مثلاً أن يخاطب رئيسٌ أمريكي رئيساً امريكياً سابقاً...
لطفية الدليمي

قناطر: العراقيون لا يتظاهرون!!

طالب عبد العزيز أمرٌ غريبٌ جداً، هو خلو شوارع البلدان العربية كالعراق وسوريا ومصر وليبيا وغيرها من التظاهرات المنددة بما يجري في غزة ولبنان والمنطقة بعامة، من انتهاكات، وتجاوزات، صهيونية وأمريكية، فيما شوارع العالم...
طالب عبد العزيز

تعديل قانون الأحوال الشخصية.. من منظور سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح تذكير(في 23 تشرين الثاني 2013 انجز وزير العدل السيد حسن الشمري مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي جاء امتثالاً لمرجعه السياسي والفقهي السيد اليعقوبي المحترم، مع ان المسؤولية تفرض عليه...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram