مَن ذا أصغى لهمس نجوى رذيس الوزراء البريطاني (ديفيد كاميرون)، وهو يُعلن إستقالته؟ ومَن ذا تذوّق طعم المرارة بين ثنايا خطابه — غير المسبوق — بعد ساعة او بعض ساعة من إعلان نتائج الإستفتاء التاريخي بخصوص خروج بريطانيا من منظومة دول الإتحاد الأوروبي؟ مَن ذاك الذي لمح دموع الخيبة والخذلان — المكابرة — يزجرها أن تُسفح علناً، لاعناً (أبو الديموقراطية) التي أوردته مورد العلقم، وأرغمته على تجرّع الكأس حتى الثمالة؟هل سنشهد عصراً جديداً يختفي فيه مصطلح الديموقراطية، كما إختفت او ضمرت قبلها عشرات المصطلحات التي تصدّرت المحافل الثقافية، وراجت عبر ألسنة المثقفين؟ كـ ( الإمبريالية) مثلا، التي تعني درجة من درجات الإستعمار؟ و (البرجوازية) التي شاعت زمناً، على ألسنة الساسة وعلماء الإجتماع. ثم سمعنا بـ ( الكولونية) و (الديماغوجية) و.. و.. لكن المصطلح الأكثر تداولا وديمومة هو مصطلح ( الديموقراطية).الديموقراطية، اعرف من أن تعرف، سيما بعد شيوع إستعمالها في العراق، حتى تهرّأت وكثرت في نسيجها الرقع والبقع واللكع من كل صنف وشكل ولون!لو كان للديموقراطية لسانٌ! لإشتكت ممن إدعى بنوتها او أبوتها زوراً وبهتاناً وإدعاءً، بعدما إتخذت انماطاً عديدة، فهي تتخذ شكل بدلة إفرنجي حيناً، او تنتحل هيئة عمامة، بيضاء او سوداء او خضراء، حيناً او تبدو على هيئة وشم على الجبين، وتتخذ احياناً ملمس محارم الورق لمسح دموع الخيبة او النوال، وقد تستعمل الديموقراطية كمنفضة سكاير، تُرمى فيها الأعقاب بعد عمليات التدخين او التدجين. كثيرا ما استعملت الديموقراطية كغطاء للمفاسد او كملعقة يُداف فيها السم بالعسل، للترويج او التنويم او الترويع، بعضهم يتخذها كـ قميص عثمان، حقٌ يُراد به باطل، البعض، يستخدمها: كشعرة معاوية، لا سبيل لقطعها، إن أرخى الخصوم العنان ( شــد)، وإن شدّوا أرخى.أما ما يتبقى من وشل الديموقراطية فهو لا يعدو عصا غليظة يتوكأ — بضم الياء—عليها حيناً، ويهش بها على الغنم والبقر الحلوب حيناً، وله فيها مآرب أخرى في كل حين! عصا موسى، إصطلاح لغوي محضلا علاقة له بالموروث الديني.
عصا موسى!
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2016: 09:01 م