لم يلبس رجب طيب أردوغان، بعد، الجلباب والقفطان اللذين كان يرتديهما سلاطين بني عثمان، لكنّه يمهّد لهذا بسرعة صاروخية، فبعدما بنى لنفسه قصراً سلطانياً منيفاً بكامل مواصفات الأُبّهة والفخامة، فرض على حرسه الرئاسي اتخاذ شكل الحرس السلطاني، من الشوارب إلى الملابس إلى الأحذية.
لكنّ أحلام السلطان العثماني الجديد بارتداء الجلباب والقفطان مهددة الآن بأن تعصف بها النيران التي انتقل لهيبها من أطراف الإمبراطورية الأردوغانية المُتخيّلة إلى قلبها (أنقرة ثم إسطنبول). ليس على أردوغان إلّا لوم نفسه، فهو الذي أدخل الأفاعي ألى البيت.. أردوغان هو الذي جاء بداعش وسواها من المنظمات الإرهابية إلى تركيا ميسّراً أمر عبورها إلى سوريا والعراق، لإضعاف جيران تركيا بإحراقهم بنار الإرهاب وتفتيتهم.
أردوغان لعب اللعبة ذاتها التي سبقه إليها رئيس النظام السوري بشار الأسد. الأسد لم يكتف بفتح الحدود أمام "القاعدة"، ثم داعش، وسواهما من منظمات الإرهاب، للدخول إلى العراق، بل سهّل لها إقامة معسكرات التدريب والترحيل في بلاده، بذريعة دعم "المقاومة" ضدّ الاحتلال الأميركي للعراق. بشار الأسد لم يخطر في باله أنّ هذا الوحش الذي يستأنسه في بيته يمكن أن ينقلب عليه ويسعى لالتهامه لاحقاً ( الحقّ أنّ سياسة الحكومة العراقية السابقة برئاسة نوري المالكي شجّعت الأسد على المضي في غيّه، فهي لم تشتكه إلى مجلس الأمن برغم توافرها على أطنان من الوثائق والأدلّة الدامغة.... والسرّ إيراني في المقام الأول).
أردوغان فعل الشيء نفسه.. في السنوات الأخيرة غدت تركيا أكبر مقرّ ومستقرّ لداعش. ما احتاج داعش إلى شيء ولم يجده في تركيا، ولم يطمع في خدمة إلّا وفّرتها له أنقرة الأردوغانية. وقد بثّت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) تقارير تلفزيونية أثبتت حصول مقاتلي داعش على تسهيلات لوجستيّة داخل تركيا من أجهزة الأمن التركيّة، وبدلاً من أنْ يحقّق أردوغان في تلك التقارير راح يصبّ جام غضبه على صحفيّي (بي بي سي) فمنع بعضهم من الدخول إلى تركيا.
منذ عشرة أشهر شهدت العاصمة التركية، أنقرة، تفجيرين إرهابيين فظيعين، كتفجيري مطار أتاتورك في إسطنبول الليلة قبل الماضية. يومها لم يتردد الكثير من الأتراك، سياسيين وأناساً عاديين، من تحميل السلطان الجديد المسؤولية. العديد من القادة السياسين والنقابيين اتهموا أردوغان وحكومته بالتقصير والتهاون في مكافحة الإرهاب وفي سدّ منافذ عبوره إلى جيران تركيا عبر تركيا نفسها، بل إنّ زعيم حزب الشعب التركي المعارض، كمال كيليجدار أوغلو، أبلغ رئيس الوزراء التركي يومذاك، أحمد داوود أوغلو، صراحة أنّ السياسة الخارجية لحكومته، وهي حكومة السلطان أردوغان في الواقع، "هي التي جلبت الإرهاب إلى بلادنا".
هل يعضّ أردوغان أصابعه ندماً الآن؟
أردوغان لن يفعلها، فهذه ليست من عادات السلاطين.. مع هذا، يبدو أردوغان الآن أبعد من ذي قبل عن حلمه بارتداء الجلباب والقفطان السلطانيين.
قفطان السلطان أردوغان!
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2016: 06:57 م
جميع التعليقات 2
بغداد
الأستاذ عدنان حسين جميع مذكرته عن سلطان العصر والزمان أوردوغان باشا صحيح وهو الذي سهل لهؤلاء المجرمين فرق الموت المرتزقة ان تتسلل الى سوريا بالتعاون مع استخبارات بشار ويقيموا على ارضها معسكرات لتدريب هذه الجيوش اليأجوجية المأجوجية ( من كل حدب ينسلون) الى
د عادل على
لقد جربت قوة عظمى طريقه جديده للقضاء على الارهابيين الجاهليين عندما نقل ديك جاينى ساحة القتال من امريكا الى العراق المنكوب بارهاب البعث مند 8 شباط الاسود فى سنة 1963 بدا الدم العراقى يتدفق فى مقابل وزارة الدفاع وشارع الرشيد وشارع الكفاح وفى عكد الاكرا