يحلم كل شخص تقريباً، بأن تهبط عليه ثروة من السماء لتنقذه ربما من فقر، أو تحقق أحلامه بشراء أشياء جميلة وسط حياة ممتعة وهانئة. وفي شطحات الخيال ربما يفكر كل إنسان أن يمد رأسه تحت سرير نومه، ليجد لقية أثرية أو كنزاً ثميناً يعود الى عصور بعيدة غابرة. لكن ما مدى الاحتمال الذي يجعل هذا الخيال حقيقة ؟ وهل هي مجرد أحلام لا تحدث سوى في السينما أو في الروايات؟ وهل هي قابلة للحدوث ولو بنسبة ضئيلة، بعيداً عن صفحات الكتب القديمة والحكايات البعيدة ؟
هذا ماحدث مؤخراً لرجل بريطاني استيقط من نومه وهو راقد على السرير الذي كان يعود لأبيه المتوفى، هكذا نهض لينشغل بشد ربطة حذائه، فنظر تحت السرير ليرى صندوقاً متوسط الحجم، صندوقاً قديماً مركوناً هناك بشكل مهمل ويغطيه الغبار، فأخذه الفضول ليرى مابداخله، وقد فكر للحظة أن هذا الصندوق ربما يحتوي على صور أو حاجات صغيرة تتعلق بوالده، أو من الجائز أن تكون بداخله أشياء قديمة ليست ذات قيمة تذكر، وبهذا يتخلص منها وينظف المكان، قبل أن يأتي المالك الجديد للاطلاع على البيت. الى هنا والمسألة تبدو عادية ويمكن أن تحدث مع أي شخص. لكن هذا الرجل بعد أن سحب الصندوق وفتحه، وجد مجموعة من الأوراق، مصفوفة بعناية فائقة ومرتبه بشكل جيد وقد وضعت بينها أوراق من نوع خاص تحميها من الاحتكاك ببعضها. تفحصها جيداً فإذا بها خمسون عملاً لريمبرانت من أعماله التي نفذها بطريقة الليثوغراف. الأعمال تأخذ البصر وتبدو بحالة جيدة، وهي غير معروفة ولم تؤطر أو تعلق على جدار خلال القرون الأربعة الماضية، حسب ما قاله الخبير جارلس سكوت الذي بدا مذهولاً وهو يتحدث عن هذه اللقية الثمينة التي من بينها أعمال مدهشة مثل الصلبان الثلاثة والمرأة والسهم ومجموعة من العاريات وأعمال أخرى مستوحاة من الكتاب المقدس. هكذا انفتحت أسارير الابن الذي سَيُغِير ريمبرانت حياته الى الأبد.
ستعرض هذه المجموعة بداية الشهر القادم في مزاد كريستي في لندن لتكون تحت مطرقة المزايدات، حيث ينتظر الكثير من جامعي الأعمال الفنية وكذلك المتاحف، كيف سترسو العملية والى أين ستذهب أعمال المعلم الهولندي في النهاية، هذه الأعمال التي كان الأب المتوفى قد عقد صفقة واشتراها في الصندوق أثناء الحرب الباردة ليؤمن مستقبله ومستقبل عائلته فيما بعد.
من المعروف عن الفنان ريمبرانت (1606-1669) بأنه قد أنتج الكثير من أعمال الحفر وبتقنية فريدة ومعالجات مدهشة تحيّر كل من يراها ويتأمل تفاصيلها، وقد زرت بيته في أمستردام واطلعت على الكثير من هذه الأعمال ودخلت الى الغرفة الصغيرة التابعة لمشغله والتي كان ينفذ فيها طبعات الكرافيك التي كانت جزءا من طقسه اليومي. وهنا حين نُسأل عن عظمة ريمبرات وأهمية أعماله، فيكون جوابنا: هاهي أعمال أستاذ الأساتذة في الرسم وأعظم فنان كلاسيكي على مرِّ العصور بعد أربعمئة سنة مازالت حاضرة ومؤثرة ويستثمرها الناس بأموال طائلة وتتسابق المتاحف للحصول عليها. ريمبرانت الذي أعطى كل شيء للفن ولم يحصل لنفسه على الكثير، حيث مات محاطاً بالديون ومفلساً بعد أن حُجِزَ بيته الكبير في أمستردام لتسديد الديون، بيته الذي أصبح واحداً من أهم متاحف هولندا فيما بعد، ذهب هذا العبقري بعيداً وكأنه يقول: "القيمة ليست في البيت بل في الأعمال التي تعلق على جدران هذا البيت."
ريمبرانت تحت السرير
[post-views]
نشر في: 1 يوليو, 2016: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...