TOP

جريدة المدى > عام > 4 قرون على رحيله.. شكسبير.. ما يزال حياً متألقاً بيننا!

4 قرون على رحيله.. شكسبير.. ما يزال حياً متألقاً بيننا!

نشر في: 11 يوليو, 2016: 12:01 ص

تستمر عبقرية شكسبير، وبعد 400 سنة من موته، في عكس الصراع والتشوش اللذين كانا سائدين في الفترات الزمنية المتغيرة التي عاش فيها. " فالزمن، يا سيدي، لديه حقيبة على مكتبه/ يضع فيها صدقاتٍ النسيان ". يُعتبر وليام شكسبير، الرجل الذي كتب هذا قبل أربعة قرون،

تستمر عبقرية شكسبير، وبعد 400 سنة من موته، في عكس الصراع والتشوش اللذين كانا سائدين في الفترات الزمنية المتغيرة التي عاش فيها. " فالزمن، يا سيدي، لديه حقيبة على مكتبه/ يضع فيها صدقاتٍ النسيان ".
يُعتبر وليام شكسبير، الرجل الذي كتب هذا قبل أربعة قرون، أفضل كتّاب العالم المسرحيين على مر الزمن وواحداً من أروع الشعراء على الإطلاق. وهو دائم الحضور في الأذهان اليوم وتعاد زيارته على الدوام من خلال الكتابات، والمحاضرات، والأداءات الفنية والمهرجانات المنوعة في مختلف أنحاء العالم، وفقاً لما جاء في هذا المقال لسوبارنا بانيرجي، وهي بروفيسور مساعد في اللغة الانكليزية بكلية كريشناث في مدينة بيرهامبور الهندية.
ويُعد امتيازاً عظيماً، تقول بانيرجي، أن تتوفر للمرء الفرصة للمساهمة في عملية تذكّر شكسبير العالمية في هذه المناسبة الخالدة. ومع هذا فإن ذلك أمرٌ محبط، إذ ما الذي يمكن لكاتبة مثلي أن تقول عن شاعر آفون بعد كل ما قيل عنه؟ وأي وجه من عبقريته المتعددة الأوجه يمكنها أن تسلط الضوء عليه بمثل هذه المساهمة القصيرة؟ أكيد أن أي كاتب يواجه مثل هذه الصعوبة الكأداء سيقرر التوقف عن محاولة أي تناول نقدي لأعمال شكسبير المنوعة الضخمة أو أي تحليل لمواهبه العظيمة.
بدلاً من ذلك، سوف تسجل مثل هذه الكاتبة ببساطة افتتانها الخاص، وتوقيرها، لرجل جمع بين أعلى درجة من الجودة النوعية الرفيعة ووفرة الإنتاج؛ وحوّل إلى ذهبٍ أي نوع مسّه من الأدب؛ وخاطب، ويستمر في مخاطبة، أي إنسان؛ رجل تتّسم أعماله بخلود الكلاسيكيات الحقيقية، بالرغم من كونها مرايا للعصر الذي عاش فيه.
لقد عاش شكسبير، ناشطاً بين 1589 و 1613 ، عبر صراع وتشوش فترات زمنية متغيرة. فكانت أنظمة معتقدات القرون الوسطى تواجه التحدي، والكنيستان الأورثوذوكسية والكاثوليكية والسلطة الملكية المقدسة، في إنكلترا، تتعرض للهجوم المستمر. وكان نظام القيَم الإقطاعي يفسح الطريق لحداثة متأثرة بالتيارات الفكرية الأوروبية، وبدأت الرأسمالية تتطور وإنكلترا تستعمر البلدان القريبة والبعيدة. فكان أدب شكسبير المسرحي يعكس الاضطراب الخفي الذي أحدثه ذلك كله في المجتمع الانكليزي، بشكلٍ جيد إلى الحد الذي جعل معاصره بن جونسون يحييه باعتباره روح ذلك العصر.
وفي الواقع، كان عقل شكسبير الحاذق يسبر غور الأعماق و يردد صدى وابل كل انفعال إنساني ممكن، من الخوف، والغيرة، والجشع، إلى الطموح، والشهوة، والقسوة، والحب، والإخلاص، والتقمص العاطقي ــ من دون أن يكون عويصاً أو فائق الدقة أبداً. وقد يرى الواحد منا أن النوعية التي تحدد على الأغلب عظمة شكسبير ــ التي تجعل من أدبه مختلفاً وأسمى من آداب العالم العظيمة الأخرى ــ هي قدرته الفريدة للجمع بين الحدة الفكرية والإدراك الأكيد لمادة الطبيعة البشرية العادية، قدرته على إظهار تفرد ما هو نموذجي بشكل واضح، والعكس بالعكس. فلا عجب في أن تُترجم مسرحياته إلى كل اللغات الحية تقريباً ويستمر تمثيلها إلى اليوم في مختلف أنحاء العالم.
ولو تأملنا الخطوط الحقيقية لخارطة نتاج شكسبير الأدبي، لوجدنا أنه قد كتب 38 مسرحية، بضمنها كوميديات رومانسية، ومسرحيات تاريخية، وتراجيديات، وما يدعى بـ "مسرحيات المشاكل" التي تتحدى التصنيف، وقصيدتان قصصيتان طويلتان، و 154 سونيتة، تستكشف تعقيدات الحب الإنساني. وتُعتبر  "التراجيديات العظيمة" الأربع ــ ماكبث، وعُطيل، وهاملت، والملك لير ــ آخر زهرة في الدراما الشعرية والسونيتات الانكليزية. إذ أنها، وهي تستكشف آلاف الأهواء وحالات الحب، تبيّن حساسية وأثر قمة الجمال الشاعري التي ظلت من دون نظير لها. كما كانت لمساهمة شكسبير في توحيد وتحديث اللغة الانكليزية أهميتها البالغة.
وإذا كان هناك من انتقدوه في وقته لافتقاره إلى اللمسات الأخيرة واستهزائه بالتقاليد اللاتينية، فقد حظي بالتقدير الكبير لدى الأجيال اللاحقة. وقد عبد الرومانتيكيون "عبقريته الطبيعية" وحاولوا إحياء نوع الدراما الشعرية الذي عُرف به؛ ومجّده الحداثيون، ومنهم ت. س. أليوت بشكل ملحوظ، على كونه حديثاً حقاً؛ وتناولته النظرية النقدية في عالمنا المعاصر من وجهات نظر عديدة، بما في ذلك ما بعد البنيوية، والتاريخية، ونزعة مساواة الرجل بالمرأة، بل ودراسة الحالات الغريبة.
أما على الصعيد العالمي، فقد أُعجب به أمثال فولتير، وغوته، و هوغو، و شليغِل؛ وكان له تأثيره على التعبيريين في ألمانيا، والمستقبليين في روسيا؛ وقام الكاتب المسرحي الألماني بيرتولد بريخت بصياغة  "مسرحه الملحمي" على غرار الدراما الشكسبيرية. ومن الواضح أن "الملك شكسبير"، كما كان يدعوه الكاتب والناقد الأسكتلندي توماس كارليل، كان يتميز بنوع العبقرية الذي يتجاوز الزمن في الوقت الذي كان فيه منتبهاً بشدة لارتباطات زمانية ــ مكانية مختلفة.
عن / The Hindu

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram