تمثال رئيس كوريا الشمالية السابق كيم ايل سونغ  المصنوع من البرونز ، انتهى به المطاف داخل صندوق في احد محال سوق هرج،  لإبعاده عن أنظار الباحثين عن النحاس  والبرونز وتحويله الى حنفيات وحاجيات اخرى تعرض للبيع في سوق الصفافير . الصندوق  احتوى ايضا تماثيل اخرى لرؤساء سابقين من مختلف دول العالم ، انظمتها شمولية لم تعرف الديمقراطية الا في السنوات الاخيرة ، حين اقتنعت شعوبها بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد  للحد من هيمنة الحزب الحاكم ، مع التمسك بخيار صناديق الاقتراع  لتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة.
 الرئيس الكوري الشمالي السابق نقل منصبه الى نجله ليواصل المسيرة الثورية ، وهذا النوع من الانتقال،  يعد بنظر بعض  الدول الغربية والولايات المتحدة  موقفا يعبر عن  الاستفراد بالسلطة ولاسيما ان الرئيس الجديد تولى زعامة الحزب ، وقيادة القوات المسلحة ، واعتلاء منصة  ابيه لإلقاء الخطب في المناسبات الوطنية  بحضور  اعداد كبيرة من الاشخاص،  يحملون الأعلام ويرددون النشيد الوطني وشعارات تجديد الولاء ، نظرة واحدة الى التمثال البرونزي داخل الصندوق،  تعزز القناعة بأن مصير فخامة الراحل وغيره من الأحياء سيكون عاجلاً ام آجلاً في سوق الصفافير. الأنظمة العربية مقارنة بالغربية ، تنظر الى انتقال السلطة من  الآباء الى الأبناء وداخل الحزب الحاكم حقاً مشروعاً ، منها من  أقر القوانين ليضمنها حين يصل الرئيس الأب الى أرذل العمر .
رياح الربيع العربي جعلت بعض الرؤساء العرب ينضمون الى منتدى المخلوعين ليتفرغوا لكتابة مذكراتهم ، اما صورهم فاختفت خلال دقائق ولم تصل تماثيلهم الى صندوق محل سوق الهرج .
 الصحفي الراحل ابراهيم عبد الرحمن المكنى " أبو رحومي" عمل في الصحف المحلية منذ  نهاية عقد الستينات ، عرف بين زملائه  بأنه كان يقول كلمته في معرض تعليقه على المواقف السياسية بطرائف لاتثير شكوك الآخرين . في حرب الخليج الثانية اثناء تعرض بغداد الى قصف طائرات قوات التحالف ، لفت تمثال كبير في احدى الساحات العامة انتباه الراحل "ابو رحومي" فقال لزميله : مستقبل  هذا التمثال "عكس"  في سوق الصفافير .
- شنو يعني عكس ؟ فاجابه :
- لك بابا العكس يرتبط بحنفية يعني لولة يعني طرمبة يعني مزملة  افتهمت؟
 زميل الراحل ، المعروف عنه بأنه يخاف من ظلّه ، حاول تغيير مجرى الحديث لتفادي العواقب الوخيمة ، خصوصاً ان العراق يخوض حرباً ، وتهمة ارتكاب جريمة الخيانة العظمى تبدو قريبة جدا.
انتهت حرب الخليج الثانية بتدمير الجسور والمصانع  ومحطات انتاج الطاقة الكهربائية ، في بغداد احتفظت الجداريات بصور صاحبها ، اما في محافظات الجنوب والوسط فتعرضت للتدمير، ثم اعيدت باحتفالات جماهيرية ورفع برقيات تجديد الولاء للقيادة الحكيمة ، الراحل ابو رحومي استشرف المستقبل ، حين توقع وصول التماثيل الى سوق الصفافير، فانطبق عليها المثل الشعبي الشائع  .