في لحظات النزع والخراب، يسترجع العراقيون التاريخ ليختلفوا عليه ، بعدما اختلفوا على الحاضر وتركوا المستقبل لمهبّ الريح، فمنذ يومين وصفحات التواصل الاجتماعي تشهد معركة طريفة بين جبهتين ، الأُولى تقول إنَّ عبد الكريم قاسم جزّار وكان سبباً في خراب العراق ، والثانية تحتفل بثورة 14 تموز وبقائدها وتعتبرها علامة مضيئة وسط ظلام العراق.
لا أُريد أن أُثقِل على حضراتكم في هذه الزاوية الصغيرة بشجون التاريخ، لكننا أيها السادة مدينون في تقدّمنا وازدهارنا لشخصيات كثيرة لايتّسع المجال لذكرها الآن، فلن ننسى ما قدّمه السيد نوري المالكي خلال ثماني سنوات من جهد ورقيّ، لكي يكون العراق في مصاف الدول المتقدّمة، لاتصدقوا الإعلام المغرض،، ماذا يعني أنّ فترة حكمة شهدت ضياع الموصل والانبار ، وما قيمة 600 مليار دولار أمام طرد الامريكان ، وهم يجرّون أذيال الخيبة، منجزات كثيرة وعظيمة لامجال لذكرها جميعا يكفي أن عدد الساكنين في الخيام ، انتقل من 500 ألف الى خمسة ملايين !
أراد عبد الكريم قاسم أن يُبعد عنّا ويلات الطائفية، فقتلناه، حاول أن يقول لنا إلى أين ستقودنا الحزبيّات والمذهبيّات فتركناه يموت وحيدا في وزارة الدفاع، هل نحن شعب لايستحق هذا النوع من المسؤول ، الذي لا يسمح لنفسه بأكثر من وجبة غذاء بسيطة؟، لا أبناء، لا زوجة، لا أصهار يستولون حتى على ساحات وقوف السيارات، لا مقرّبون يحتكرون المناصب، مشتمل بسيط في البتاوين .
يكتب ديغول في مذكرات الأمل: "الزعيم الحقيقيّ هو من يُنمّي ويطوّر مجتمعه ".
للأسف سيقول البعض صدّعتَ رؤوسنا بالمقولات المستوردة ، ونحن شعب علَّم البشرية القانون والكتابة، أنا مضطرّ ياسادة وإلا سأُعيد عليكم مقولات إبراهيم الجعفري عن التموّج المذهبي، وأنتم ستقدّرون الأنفع لكم
ما لا يكون في خدمة الناس والتقدم، لا يكون تغييراً، الاستعراضات العسكرية الهزيلة ليست تغييراً، بل أنظمة التعليم المتطور والضمان الصحي ، احتجاجات الجمعة التي تظهر بإشارة وتختفي بأُخرى ، ليست إصلاحاً، بل التقدم الذي تشهده مدينة صغيرة مثل دبي، لقد استبدلنا التغيير، بالفوضى. وتحولت لحظة بناء دولة المؤسسات، إلى معرض متنقّل للجثث والمفخّخات، وبأشباه صدّام الذين ظهروا بثياب أُخرى ولغة أُخرى.
لا ندري بمَن كان يفكّر العبادي عندما وقف في ساحة التحرير يُلوّح للجنود؟ هل كان يفكّر بزمن الثورات التي تهتف بالروح وبالدم، هذا زمن ولّى في بقاع الأرض ، إلّا هذه البقعة التي لاتريد أن تعرف أن لاشيء مقدّساً ، سوى الوطن وحبّ الحياة والعمل الجاد ّ!
هناك ثورات تُعلِّق المشانق وتنشر الأكاذيب، وثورات تساعد على بثّ الحياة، نحن نحلم بثورة تقطع الأعناق! الثوريّون الحقيقيّون هم الذين ردموا المستنقعات وقضوا على الجهل وبنوا المصانع، أكبر إنجاز للعراق الجديد الاتفاق على عقد جلسة البرلمان . وسوف نشاهد فيها مشعامن الجبوري يتحدث عن الاصلاح ، مبروك .
بماذا كان العبادي يُفكِّر؟
[post-views]
نشر في: 15 يوليو, 2016: 06:24 م
جميع التعليقات 1
بغداد
الاستاذ علي حسين وصف دقيق وحقيقة وهو عندما قلت ( . وتحولت لحظة بناء دولة المؤسسات، إلى معرض متنقّل للجثث والمفخّخات، وبأشباه صدّام الذين ظهروا بثياب أُخرى ولغة أُخرى. ) ؟! فعلا حولوا العراق الى معرض عالمي لعرض انواع واشكال من الجثث بدلاً من بناء معارض الف