لا يختلف اثنان على كفاءة وإخلاص وسلوك المدربين راضي شنيشل وعبدالغني شهد منذ أن كانا لاعبين اسهما في تعزيز استقرار الأندية التي مثلاها من خلال دورهما المؤثّر على الجماهير وسطوتهما الايجابية على زملائهما عبر التوجيه والنصح ضمن إطار العلاقة الإنسانية التي تفضي الى أجواء مساعدة على بذل الجهد لخدمة المجموعة والفريق.
واستمر شنيشل وزميله شهد في جذب محبيهم ومتابعيهم بمحافظتهما على السلوك القويم ما بعد ولوجهما مهنة التدريب وتوليهما أكثر من مهمة صعبة توجّت بتحمّلها مسؤولية قيادة الكرة العراقية في محفلي أولمبياد ريو آب المقبل وتصفيات الدور الآسيوي الحاسم المؤهل لنهائيات كأس العالم في روسيا بعد عامين، ويمكن القول إنهما أصبحا تحت الضغط مطلع الشهر الخامس الماضي نتيجة تقاطع روزنامة الأولمبي مع الوطني من ناحية اللاعبين المستدعين ودخول اللجنة الأولمبية كطرف راعٍ لكل مستلزمات إعداد الأولمبي وعزل المدرب عبدالغني شهد عن مرجعه الفني اتحاد كرة القدم من ناحية تخصيص مرتبه وتنفيذ برنامجه واصطحابه الى أوروبا لمعاينة معسكرات المنتخب الخارجية قبل ان يثير إهتمامها حفيظة مدرب الوطني راضي شنيشل الذي طالب أن يكون هناك اهتمام مساوٍ لبرنامجه وشاطر الاتحاد مطلبه، بل استدرك الأخير أنه مهمّش ولا كلمة له في قضية سطوة الأولمبية على مقدرات الأولمبي فتم تسوية الأمر بإجتماع مشترك صوري أكثر ما هو موضوعي لإسكات بعض الأصوات التي حرصت على ممارسة الاتحاد دوره الفني والإداري مع الأولمبي أسوة ببقية الاتحادات الوطنية.
لم نشأ استرجاع شريط الأحداث طوال الشهرين الماضيين، لكن من المهم الإشارة الى أن تبعاتها لم تزل مستمرة ولم يتم ضبط تصريحات المدربين التي ألهبت مشاكل كثيرة كان بالإمكان إحتواءها وإطفاء شراراتها قبل أن تلتهم النيران أكثر من طرف نتيجة توظيف بعض القنوات الفضائية والصحف متانة العلاقة مع شنيشل وشهد لتضييفهما في برامج تكرر ظهورهما فيها حتى بدا الأمر وكأن اتحاد كرة القدم يطبق تعليماته بازدواجية واضحة، ففي الوقت الذي يصدر تعليماته بمنع مدربي المنتخبات الوطنية التصريح لوسائل الإعلام إلا عند الضرورة ويغرّم المخالف مالياً مثلما عاقب المدرب المساعد نزار اشرف بعد ظهوره في إحدى القنوات التلفازية بدفعه غرامة مالية إبان عمله العام الماضي مع المدير الفني للمنتخب الوطني يحيى علوان الذي كان يظهر عبر التلفاز بلا قيود، فإن الاتحاد يلتزم الصمت أزاء الظهور المتكرر لشنيشل وشهد تارة أو يأذن لأحدهما تارة أخرى في ظرف يعي جيداً خطورة تشظّي علاقة المدرب مع الإعلام أو أحد اللاعبين الكبار الى درجة نعته أحد الزملاء بمصطلح شعبي غير لائق ومثير للاستغراب ويمكن أن يوصف غير ذلك مثل ( الصحفي ذهب بعيداً عن الفكرة ) من دون أن يُستفز المدرب وربما يخرج عن تحكّمه العصبي إذا ما ارتفعت حدة المجادلة !
من المؤسف أن رئيس اتحاد الكرة عبدالخالق مسعود وعدداً من اعضاء الاتحاد يتحدثون عن خطط جديدة في الدورة الانتخابية وان الاتحاد يُدار باسلوب احترافي ولا خروج عن الصلاحيات المناطة بكل شخص ، لكن الواقع يؤكد أن الاتحاد الحالي خرج عن المألوف في كثير من القضايا ومنها تهميش دور المتحدث الرسمي للاتحاد أو عضو الدائرة الإعلامية، ولا يوجد تقنين للكلام أو الاكتفاء بتوضيح مقتضب للأزمات الطارئة  مثل قضية ياسر قاسم وغيرها دون تأجيجها في وسائل الإعلام على لسان المدربين أنفسيهما لئلا يتحوّل المدرب من "معاتب" لسوء نية مقدم البرنامج الى  "مشاغب" للنيل من نجم كبير أو تبادل الاتهام مع شريكه في المهمة الوطنية.
هل يتابع اتحادنا ما يجري في الاتحادات المجاورة على الأقل من تنظيم كبير لحدود واجبات المدرب؟ ذاك اتحادا السعودية والإمارات منعا حديث مدرب الأول الهولندي بيرت فان مارفيك ومدرب الثاني مهدي علي للتلفزة والصحافة منذ بدء عملهما بهدف إبعادهما عن أجواء الإعلام المشحونة وعدم استفادة المنتخبات المنافسة من أية معلومة ربما تخدمها أثناء المباريات الحاسمة.
صراحة ، لم يقتصر الأمر على ضعف الاجراءات الاحترافية التي يدّعي الاتحاد تطبيقها، بل ضربها عرض الحائط  مثلما لم يَعرْ عبدالغني شهد أية أهمية لالتزامه المهني والأخلاقي مع الاتحاد وراح يوقّع وثيقة عقده مع إدارة نادي نفط الوسط لقيادة الفريق في الموسم الجديد أثناء مدة عقده الرسمي مع الاتحاد التي تنتهي 20 آب بنهاية الدورة الأولمبية بينما ينطلق الدوري في 15 ايلول، ومهما تكن صيغة عقد شهد مع اتحاد اللعبة لابد ان ترتقي العلاقة الى مستوى أمثل لتكون إنموذجاً للتجارب المقبلة إحتراماً للاتحاد وللمدرب نفسه.