خبر قصير نشر في الصحف الفرنسية خلال فترة حكم نيكولا ساركوزي عن مزاعم لصحفيين فرنسيين تفيد ان الاخير هو العدو رقم واحد لمدام دو لافييت ، ولافييت لمن لايعرفها هي النبيلة الفرنسية التي عاشت في القرن السابع عشر والتي تعد بنظر مؤرخي الادب الفرنسي مؤلفة او
خبر قصير نشر في الصحف الفرنسية خلال فترة حكم نيكولا ساركوزي عن مزاعم لصحفيين فرنسيين تفيد ان الاخير هو العدو رقم واحد لمدام دو لافييت ، ولافييت لمن لايعرفها هي النبيلة الفرنسية التي عاشت في القرن السابع عشر والتي تعد بنظر مؤرخي الادب الفرنسي مؤلفة اول رواية فرنسية حديثة هي رواية (أميرة كلييف) التي تُعدّ أشهر مؤلفاتها، وامتثالا للتقاليد الاجتماعية التي كانت تمنع السيدات من كتابة أسمائهن على الروايات، لم تضع اسمها على الرواية التي عملت على تحليل أرق المشاعر الإنسانية وخاصة الحب .
وعلى أساس هذه ( التهمة ) الموجهة إلى الرئيس الفرنسي السابق ، أطلق الصحفيان حملة عبر احدى المجلات لإهداء الكتب إلى رئيس البلاد في عيده ميلاده ، موضحين ان ساركوزي يعاني من مرض الحساسية من القراءة ، ولاحظ الصحفيان أن الرئيس هنأ شعبه بالسنة الجديدة من صالة المكتبة في الاليزيه ، حيث تظهر رفوف الكتب المزدحمة بكل المعارف الإنسانية ، وقال انه لم يقرأ أيا من هذه الكتب والمصفوفة بعناية بالغة خلفه.
الخبر يبدو للوهلة الأولى من الطرائف والمفارقات التي تمتلئ بها وسائل الإعلام المختلفة ، لكنه في بلد مثل فرنسا يبدو أكثر من طبيعي وواقعي فلطالما أعطت النخب السياسية الفرنسية الثقافة اهتماما بالغا، بل أنهم يعدون إدارة الدولة لحركة الثقافة واجبا قوميا وليس من باب الرفاهية .. فالقضية إذا لاتتعلق بعدم اهتمام الرجل الأول في فرنسا بالفن والثقافة ، بل تتعلق بالقيمة التي تتمتع بها الثقافة الفرنسية . وهذا الأمر الذي فطن إليه جميع رؤساء فرنسا السابقين من اليمين او اليسار والذين ارتبط اسم كل منهم بانجاز ثقافي ما زال مخلدا.
والامر يبدو كذلك طبيعيا في فرنسا ، لأنها تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لم تتردد في منح مثقفيها امتياز المناصب السياسية ، فشارل ديغول اليميني اختار الروائي والمفكر اليساري اندريه مالرو وزيرا للثقافة في حكومته الإنقاذية الأولى بعد الحرب، ثم وزيرا للثقافة في الجمهورية الخامسة عام 1969 وهو العام الذي استقال فيه ديغول تحت تأثير الثورة الطلابية التي اشتعلت في أوربا وأمريكا، وكان فخورا في أن يعين نجله سكرتيرا للروائي الفرنسي الفذ فرانسوا مورياك ، بينما لم يتردد فرانسوا ميتران الاشتراكي المحافظ في اختيار ريجيس دوبريه اليساري المتمرد ورفيق غيفارا في حرب العصابات مستشارا له في ولايته الأولى والثانية، بعد إن كان له دور في إطلاق سراحة من السجون البوليفية .
الحملة التي دعا إليها الصحفيان الفرنسيان اذا هي جزء من حملة لمواجهة محاولات المساس بتقاليد يفتخر بها الفرنسيون وأصبحت جزءا من شخصيتهم ، حتى لو كان مصدر هذا المساس هو الرجل الأول في الدولة.
وهنا نتساءل ، كم نحتاج نحن إلى حملات من هذا النوع كي يلتفت سياسيونا لأهمية الثقافة والمثقف لبناء العراق وهو بلد لهذا العمق الحضاري والثقافي ؟
ونتساءل أيضا عن مدى حاجتنا الى السياسي المثقف في ظروف نحن في أمس الحاجة فيها الى أن يعي السياسي إلى إن السياسة تفترض الإلمام بالحد الأدنى على الأقل من تفاصيل كل أجناس المعرفة بما يمنحه أفقا أوسع في التعامل مع القضايا التي يتعاطى معها.
هل نتردد إذا في النصح على الأقل أم نطلق حملة للتبرع بالكتاب .. ولكن إي كتاب؟