اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > التقنية الرقمية والمسرح

التقنية الرقمية والمسرح

نشر في: 19 يوليو, 2016: 12:01 ص

|   2 - 2  |لأجل إخراج عرض مسرحي رقمي أو افتراضي كان لا بد من إنتاج بيئة للواقع الافتراضي, وهذا يحتاج إلى  تهيئة برامج (Software) قادرة على إنتاج بيئة للواقع الافتراضي يمكن التحرك داخلها بصرياً إذ تستطيع خلق تعايش واندماج مع هذه ا

|   2 - 2  |
لأجل إخراج عرض مسرحي رقمي أو افتراضي كان لا بد من إنتاج بيئة للواقع الافتراضي, وهذا يحتاج إلى  تهيئة برامج (Software) قادرة على إنتاج بيئة للواقع الافتراضي يمكن التحرك داخلها بصرياً إذ تستطيع خلق تعايش واندماج مع هذه البيئات الافتراضية, وتحويلها إلى بيئة تعطينا إحساساً بالحقيقة والواقعية, ومُضافاً إلى أنه لا بَّد من توافر الممثلين الافتراضيين, أو الرقميين وهم شخصيات وهمية يتم التحكم بهم من خلال برامج يديرها أشخاص ذوو خبرة ودراية ببرمجيات الكمبيوتر

وبعد هذا كان لابّد من التحدث عن الواقع الافتراضي والتعايش مع البيئة الافتراضي- 6 , إذ أنَّ استعمال الكمبيوتر والبرمجيات سيجعل من المعالجات الإخراجية في رسم السينوغرافيا أكثر تعبيراً وتوظيفاً وجمالاً, ولا سيَّما إن العالم اليوم لامس وأفاد من الوجود التكنولوجي في مستويات رفيعة تضع العاملين في مجال المسرح بحاجة إلى استعمال وتوظيف هذه التقنية لتأسيس نظام صوري سينوغرافي يعتمد الكمبيوتر أصلاً في التصميم، وعلى هذا الأساس نرى أنَّ المسرح الحديث مبني على حقيقة افتراضية عرفها البعض على أنَّها واقع مُصنَّع يصور المستخدم في فضاء ثلاثي الأبعاد, وهي محاكاة (الكمبيوتر)لأشكال حقيقية من الواقع يمكنها التفاعل مع الإنسان-7، إذ أنَّ الواقع الافتراضي صور تخيلية من جانب ، وتتحول بالتفاعل إلى عالم افتراضي يتم فيه خلق أنساق تجريبية تنتهي بالتحقق من الفروض المتجسدة بفعل التقنية الرقمية، ومن ثمَّ فإنَّ حصيلة القيم المتحققة على الرغم من ارتباطها بالعالم الافتراضي الذي أتاحته التقنية الرقمية، إلاّ أنَّها من جانب آخر ستكتسب واقعيتها الطبيعية من كونها مرتبطة بالنسق الفكري الذي صدر عن وعي بشري في محاولة فهم عالمه أو التعبير عن تجربة وعي أو خلق نسق بوح تعبيري للذات ، وهو مرتبط بكليته بالذات البشرية والإنسان الواعي وعيا قصدياً في خلق الأثر في عالمه، وتحقيق غايته الإنسانية، وهي مقاصد واقعية طبيعية. فالكومبيوتر عندما يقدم صوراً لأشكال لم تزل هي الأخرى في خيال المصمم ، فأنَّها تبدو واقعية بمقدار ما تجيزه مهارة المستخدم  لها في هذا البرنامج 8 ، وهي تلك المهارة البرمجية في إدارة وتشغيل البرنامج المحاكاتي، مثلما هي مهارة التخييل في العملية التفاعلية مع مخرجات البرنامج المحاكاتي.
ومما تقدم فقد مثّل الكومبيوتر متغيراً كبيراً في وسائط التعبير والتفاعل السيسيوثقافي وبالذات المسرح والفنون المسرحية بما أعطاه من دعم تقني للعملية الفنية لغرض تحقيق الإبداع والابتكار عبر إمكانيات الكترونية ، وعن طريق العناصر البصرية ، وذلك بالتركيبات والألوان ، والعناصر السمعية ، وعن طريق الإيقاع الصوتي، أو العناصر الحركية، وعلاقتها بالحركة، والديكور، وحركة الإضاءة حتى اجتمعت في ما بعد عملية أساسية في عالم المسرح,  وهذا الدخول يعد الأساس الذي يسمح للكمبيوتر أنْ يكون جزءاً من المنظومة التكنولوجية في تطوير الصورة المشهدية للعرض المسرحي الذي يسهم في بنيتها عبر (وسائط تقنية عدّة يصمم أفكارها ويخطط استعمالها اختصاصيون في الموسيقى، والإضاءة، والصوت، والخدع البصرية، والملابس، والعمارة، والتشكيل، والرقص، والغناء، ويسبقهم في كل ذلك مخرج العرض المسرحي9. بوصف الأخير عقل إدارة الافتراض التجريبي والتحقق من الفروض بإدامة نشاط التفاعل التخييلي مابين المتلقي والعرض وفق رؤياه التصميمية وأهدافها الأدبية والفنية. إذ يعمل بالبحث عن معادل لمعالجات توازي التغيير الذي حصل في فكر المشاهد أو المتلقي بوجود التكنولوجيا، لاستغلالها في العرض الفني كبديل مساعد في التشكيل البصري، وصناعة الصورة المشهدية . ما دفع بالمسرحيين إلى تبني هذه التقنية الجديدة وتبني استعمالها, فأخذ الكثير منهم الوسائط الحديثة والكمبيوتر والانترنيت حقولاً لتجاربهم الجديدة, أو لإعادة تشكيل أفكارهم وتنفيذها عن طريق الوسائط الرقمية الجديدة إذ أنَّ العمليات التي يقوم بها الكمبيوتر متأثرة إلى حدٍ كبير بدرجة وتناسق نشاطنا الجسدي والذهني، بالمقارنة مع الكمبيوتر، مع وظائفه وسلوكه ، ويمكن أنْ يظهر هذا النشاط درجة كبيرة من التركيز يتجاوز الصلة المباشرة صلة السبب في التأثير وتعريف على قدرة حقيقية  الأداء10 .
بحيث إن المخرج هو صاحب الرؤية والتصور الذهني أما المصمم فهو الذي يحاكي رؤية المخرج بحيث يوفر فضاء محاكاتيا افتراضيا للممثل والذي يعتبر مكونا واقعيا يحاكي التصور الذهني للمخرج, والمحاكاتي هنا هو عين الحاجة المعرفية بالافتراض والتحقق والاكتشاف أي نحن نحاكي الأشياء وفق افتراض ما ونتحقق من سير هذا الافتراض بما يتم فرزه من نتائج وبالتالي الاكتشاف ، أما النظام التقني فيشمل الكمبيوتر زائدا البرمجيات. اذن بعد هذا يمكن القول بأن المسرح وفق التقنية الرقمية هو فن وسائط هندسة السلوك البشري لأن المتلقي هنا ينغمر ولا يتخيل فيتعرض الى سيل من المعطيات الحسية الافتراضية والتي تضعه في حالة انغمار كامل في الفضاء الافتراضي فيتعرض لرسائل انفعالية وعاطفية وحسية تعيد برمجة نشاطه السلوكي وتصل لغايات الخطاب الدرامي الى منتهاه بالتاثير العميق بالمتفرج وهذا ما يجعل من المسرح الرقمي اداة لهندسة السلوك البشري وخير دليل على ذلك الالعاب التفاعلية المأخوذة عن افلام وروائع عالمية.... هذا من جانب ، ومن جانب اخر بالامكان توظيف هذه التقنية كأداة رائدة في التعليم والتربية والمؤسسات التربوية لما تمتلك من قدرة في هندسة السلوك البشري.  
إذاً ظهور الكمبيوتر يُعّد أهم حدث منفرد في تاريخ التكنولوجيا والمسرح الرقمي,  وكانت أجهزة الكمبيوتر العامل الأساسي للتغير أثناء الثلاثين سنة الماضية وعلى جميع الصعد فأُطلق اسمها على عصر بأكمله – عصر التكنولوجيا / المعلومات- لذلك أصبح جهاز الكمبيوتر جزءاً متمماً لحياتنا اليومية، ومن الصعب التفكير الآن في أيّ جهاز الكتروني لا يكمن داخله كمبيوتر. إذ فاق الواقع الخيالي العلمي للماضي القريب.
-----------   
المصادر:
(1) اغروس، روبرت. م و جورج ن.ستانسيو: العلم في منظوره الجديد، ترجمة كمال خلايلي، سلسلة عالم المعرفة 134، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1989، ص46.
 (تيودور ادورنو)1903-1969:  فيلسوف ألماني ويعد رائداً من رواد مدرسة فرانكفورت الشهيرة - معهد العلوم الاجتماعية -  وأشتهر بدراسته للفن و علم الموسيقى والمجتمع الرأسمالي أصحاب النظرية النقدية، و أعماله تشترك مع أعمال مفكرين آخرين مثل الذين يعدون أعمال فرويد و ماركس و هيجل أساسية لنقد المجتمع الحديث ، و يعد أدورنو من أبرز مفكري القرن العشرين في الفلسفة و علم الجمال  المصدر:    https://ar.wikipedia.org, Access date:1/8/2015                                          
 (2) ينظر: محمد, رمضان بسطاويسي: علم الجمال لدى مدرسة فرانكفورت ادورنو نموذجاً(بيروت : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر,1988,ص120
(3) ماتلار، أرمان وميشال ماتلار: تاريخ نظريات الإتصال ، تر: نصر الدين العياضي والصادق رابح ، ط3, بيروت : المنظمة العربية للترجمة، 2005, ص112.
(4) See: Matthew, Causey , Theatre and Performance in Digital Culture from simulation to embeddenedness, London and New Yourk,2005,pp151-152
(5) ينظر: سلام, محمد سعيد: التكنولوجيا الحديثة  (الكويت : سلسلة عالم المعرفة ، 1982) ص54
(6)   See: http://vr.isdale.com ,previous source, access  date 18/9/2015                               
(7) ينظر: الحيالي, ميادة فهمي: الإدراك البصري للتصميم الداخلي ولصورته الافتراضية على الحاسوب ، رسالة ماجستير (غير منشورة ) جامعة بغداد ، كلية الفنون الجميلة ، 2001 ، ص60
(8) ينظر: لامرز, جيم ومايكل بيرسون: تعلم برنامج ( 3d studio max ) تر: مركز التعريب والترجمة, بيروت (الدار العربية للعلوم ) ط1 ،1996 ،ص9
(9) رواس ، عبد الفتاح : التقنيات في عمارة العرض المسرحي ، جريدة الأسبوع الأدبي ، العدد 97 ، دمشق مطابع وزارة الثقافة 20/8/2005
(10) ينظر: بيتزو, انطونيو: المسرح والعالم الرقمي الممثلون والمشهد والجمهور ، تر: أماني فوزي حبشي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة  للكتاب,2009) ص23

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي

سلطة المسرح ومسرح السلطة في العراق

المخرج المسرحي وخلفيته الثقافية

نقد الرياء الديني في مسرحية طرطوف لموليير

حول مسرحية تشيخوف الكوميدية (الدب)

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram