مع بدء العد التنازلي لحلول موعد الذكرى السنوية لما يعرف بالعيد الوطني ، يدخل رئيس النظام في إنذار جيم لإعداد خطاب يلقيه بالمناسبة التاريخية ، يبث مسجلاً عبر وسائل الإعلام الرسمية المسموعة والمرئية ، بعد ان يبذل فنيو المونتاج اقصى الجهود لحذف لقطات تلعثم خلالها فخامته . اما حين يكون الخطاب مباشراً أمام حشد كبير من الجماهير ، فيقف احد المستشارين او مدير المكتب الإعلامي خلف الرئيس ليشجعه على القول الفصيح الخالي من الأخطاء ليحافظ على صورته المهيبة بوصفه المسؤول الاول في الدولة ، وليس من المعقول ان يقع في هفوات تثير سخرية ابناء الشعب .
يحرص الحكام العرب ، وفي إطار التقليد السائد ، على القاء خطاب مرة واحدة في السنة ، اذا كانت أمورالبلاد تسير على مايرام خالية من مفاجآت او أحداث ، ربما تجتث الرئيس من جذوره مع بطانته فيتولى خلفه الجديد المسؤولية ، يستمر دوران العجلة ولا احد يستطيع استشراف المستقبل ، لأن دوام الحال من المحال ، والمنصب مثل كرسي الحلاق مشاع لجميع الزبائن من رجال الساسة اصحاب التطلعات في الحصول على السلطة .
من حسنات ما يعرف بالعراق الجديد انه رفع عن كاهل رئيس الجمهورية مسؤولية إلقاء الخطاب التاريخي السنوي ، التقليد انتقل الى جهات اخرى خاصة لدى بعض زعماء العشائر منحتهم الحكومة خلال السنوات الماضية دَورا لضمان استقرار الأوضاع الأمنية في بعض المناطق ، ما يعرف بمجالس إسناد العشائر صدر قرار حكومي بحلها ، لأنها تحمّل الدولة أعباء مالية ، رئيس مجلس الإسناد في إحدى محافظات وسط العراق كان يتسلم من الحكومة السابقة مبلغاً شهرياً ، أنفقه على توسيع مضيفه ، لاستقبال المسؤولين المحليين لأثناء إقامة الولائم في ايام الجمع من كل اسبوع ، رئيس مجلس الإسناد علّق على جدران المضيف صورة كبيرة جدا تجمعه مع مسؤول كبير ، مع عبارة في تاريخ كذا استقبل رئيس مجلس الإسناد دولة رئيس مجلس الوزراء ، الصورة فقدت بريقها السابق ، لأن الرئيس الثاني فقد منصبه لكن الاول تمسك بالرئاسة، ساعده في ذلك حصوله على عقود لتنفيذ مشاريع إروائية فاشلة باعتراف وزارة الموارد المائية .
رئيس مجلس الإسناد المعروف بين أبناء مدينته، بأنه واحد من شيوخ عام تسعين ، انتحل صفة كبير عشيرته ، يرغب في تحقيق قاعدة شعبية واسعة تؤهله للترشح للانتخابات التشريعية ثم ضمان الحصول على الأصوات ليكون عضوا في مجلس النواب المقبل ، قبل ايام دعا ابناء العشائر لوليمة ضخمة لمناسبة عيد الفطر ، قبل تناول الغداء القى خطابه التاريخي فقاطعه الحاضرون بالتصفيق والأهازيج مع تجديد العهد بأن أصواتهم ستكون لصالحه في الانتخابات المحلية او التشريعية ، بعد دقائق من انتهاء الوليمة خرج الضيوف ، وأحدهم يهمس بأذن الآخر : الرئيس مشخوط مسودن ، لا تنتخبه الزعاطيط .
إنذار جيم رئاسي
[post-views]
نشر في: 18 يوليو, 2016: 09:01 م