كتبت ذات يوم عن المايسترو الإيطالي دومينيكو سكارلاتّي (1685 - 1757) الذي اشتهر بكتابة عدد كبير من سوناتات الهاربسيكورد (تشمبالو، سلف البيانو) زاد عن خمسمئة، وقلت أنه متفرد في هذا الانجاز إذ لم يكن قبله ولم يأتِ بعده من ألف سوناتات بيانو(تشمبالو) في ج
كتبت ذات يوم عن المايسترو الإيطالي دومينيكو سكارلاتّي (1685 - 1757) الذي اشتهر بكتابة عدد كبير من سوناتات الهاربسيكورد (تشمبالو، سلف البيانو) زاد عن خمسمئة، وقلت أنه متفرد في هذا الانجاز إذ لم يكن قبله ولم يأتِ بعده من ألف سوناتات بيانو(تشمبالو) في جمال وأناقة ورقة تلك التي ألفها سكارلاتّي. أما اليوم فقد حان الوقت للكتابة عن أبيه، الساندرو سكارلاتّي (1660 - 1725) الذي كان موسيقياً كبيراً اشتهر بأعماله الأوبرالية والكانتاتات (الأعمال الغنائية القصيرة). يعد الساندرو واحداً من مؤسسي الأوبرا النابوليتانية التي تعد نقطة البداية في فن الأوبرا الحديث حيث ابتدأ الاهتمام بإبراز العواطف والأحاسيس وتوظيف الموسيقى في خدمة هذا الاتجاه.
ولد الساندرو في باليرمو بصقلية، وانتقلت العائلة في 1672 الى روما حيث درس هناك. ويعتبر أحد تلاميذ الموسيقار العظيم جاكومو كاريسّيمي (1605- 1674) في روما. بعد نجاح أولى أعماله الاوبرالية انتقل للإقامة في نابولي، حيث تأسست هناك ما تسمى بالمدرسة النابوليتانية في الموسيقى، وضمت أسماء رنانة مثل ليوناردو ليو وليوناردو فيتشي وجوفاني باتيستا برغوليزي العبقري الذي مات قبل الأوان. وكانت إحدى أخوات سكارلاتّي مغنية ناجحة، ويبدو أنها كانت جميلة كذلك، فقد أصبحت عشيقة أحد نبلاء نابولي. ولربما ساعد هذا أكثر في نجاح اوبرات الساندرو.
يعد الساندرو سكارلاتّي من أعضاء نادي المؤلفين غزيري الانتاج، فقد ألف 40 اوراتوريو (اوبرا دينية) و115 اوبرا بقيت منها 36 فقط، بالإضافة إلى 700 كانتاتا مع عدد ضئيل من الأعمال الموسيقية الصرفة. وتعد الكانتاتات من أهم إنجازاته، فقد تمكن من صقل هذا الشكل الذي كان دنيوياً عنده، ليصل به إلى الذروة التي تلقفها منه المؤلفون اللاحقون، مثل هندل. أما باخ فقد طوعها لخدمة الكنيسة البروتستانتية وحلق بها إلى ذرى أبعد وأعلى.