اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > وجع اللحظّات.. وسواكن هدوِئها في أعمال (حنان الشّندي)

وجع اللحظّات.. وسواكن هدوِئها في أعمال (حنان الشّندي)

نشر في: 23 يوليو, 2016: 12:01 ص

الحنين.. بما يُبرّر للغربة والحلم
 
ينبغي التذكير -مُجدداً- و الانتهاء من صحة بديهيّة وغرضيّة كون النقد ممارسة مرهونة بالوعي، ولها يتطلّب قدراً من التوضيحات والمَخارج التي تتحكّم بنواحي فحص طبيعة الإدراك وتبِعات خواص عمليّات الإبداع، والتي هي

الحنين.. بما يُبرّر للغربة والحلم

 

ينبغي التذكير -مُجدداً- و الانتهاء من صحة بديهيّة وغرضيّة كون النقد ممارسة مرهونة بالوعي، ولها يتطلّب قدراً من التوضيحات والمَخارج التي تتحكّم بنواحي فحص طبيعة الإدراك وتبِعات خواص عمليّات الإبداع، والتي هي جوهر البحث والحرث عن كوامن ودواعي هذا السِحر المُضني (ونعني به... الإبداع) من خلال  لَملمة شذراته وتنقية ذرّاته مما يَعلق به من شوائب وتشذيب زوائده، برفع الغصون الناتئة أو اليابسة من طراوة جسد ونبض شجرة السِحر إياها.

هل سنغالي -ثانيةً- حين نضغط على كوابح الوقوف عند تخوم معاينة المُنجز الإبداعي بمعزل عن النظر والظفر بتوضيحاتٍ قد تلّخص جوانب من ظروفه وجس دواخله وبغية الوصول إلى نتائج موصلاته؟ أم سنَستدعي -كالعادة- جملة ًمن إشفاقات روحيّة،نُعللّ بها مهارة الجُهد وقيمة الفِكر ورصانة الموضوع (الثيمة)،ونكتفي -فقط- بالتحليل والتعليل ومساعي فرض سطوة الأسئلة، ومن ثم الاكتفاء بالإبقاء على موجوادت المُتاح وتقريب المُمكن -بالمُمكن- من خلال ثقة القَبول الدائم بتوافر الموهبة وتطويرها ادائها وأدواتها ،على نحوٍ تفاعلي و انتقائي .؟!
تتوسّط هذه المُقدِمة لمّد خطوط التواصل مع تجربة الفنانّة التشكيليّة(حنان الشندي)،والتي سبق وأن دَرجنا على معاينة بنود لوازمها وخصوصية طرحها وفهمها للرسم من زاوية مُبصرة لتلك الدواخل الخاصة بها منذ عقدٍ زمني من الآن، تلك اللوازم والخصوصيّات التي حَرصت عليها (حنان) منذ بلوغ تجربتها (سن الرشد الإبداعي)، ونريد بذلك محافل اعتناءاتها بالطبيعة وإغراءاتها الوجدانيّة وتراتباتها الأوليّة في حياة أي رسّامٍ يُماسسه زهو تجسيدها والتملّي بمرايا مفاتنها أو بالتحرّش والخضوع لهيمنة فتنة سِحرها الدائم، و لعل في سلامةِ وحُسنِ سيرة تبني (حنان) لسطوحٍ تصويريّةٍ حافلةٍ بالسطوع ،ومنبهات التحسّس العالي للضوء وتجلّيات اللوّن ناصعاً -هو الآخر- قد رافق مؤونة رحلتها باتجاه خوضها لمجسات التجريد وأنساق التعبير و ملاذات التجريب الذي أوصلها إلى ضفاف الوعي بالمهارة وشدّ عزائم الثقة بالموروث الاكاديمي (بكالوريوس فنون جميلة / بغداد) الذي تلقته طيلة أعوام دراستها، ومن ثم منابر مشاركاتها كعضوٍ مؤسس في جماعة(الحس المشترك للفنون) وبهاء وأبهة معرض الجماعة الأول بعنوانه؛(حس تجريبي) على قاعة الدروبي- بغداد / 2003 ثم تلاه معرضٍ اتخذَّ من (جمال الطبيعة الأول)عنواناً له وهو يحتفى بذكرى رحيل الفنان التشكيلي(محمد صبري)،إلى جانب مشاركات في جميع معارض دائرة الفنون  للفترة 1999-2002،فضلاً عن مشاركات ومعارض شخصيّة في بغداد ودمشق وحصولها على جوائز و تقييمات محليّة ودوليّة،تماشت بجنب مشاركات في عدد من قاعات مدينة (أوتاوا) في كندا، وسياقات عملها في مجال التصميم/  العمل التطوعي (سرتفيكت) لغة إنكليزية (Algonquin College)في تلك المدينة الأوربيّة التي عززّت من ملكات وعيها وتواصل نهجها الإجرائي والتحليلي لشخصيتها الفنيّة، على وجه العموم والتذاكر في تحديد مكانتها في المشهد التشكيلي سواء في العراق أو سوريا حيث شاركت في عدة معارض،أهمها المعرض المشترك بالتعاون مع الأمم المتحدة -المركز الثقافي الفرنسي-دمشق،ومشاركاتها في كندا حيث تقيم هناك منذ  ذلك العام/2008،عبر إسهامات حقيقيّة وفاعلة تمثلّت في المعرض المشترك الخاص بمؤسسة أوتاوا للفنون – Orleans Gallery كذلك في معرض مشترك Selection Trinity GalleryShenkman Art Center ومعرض مشترك Foyer Gallery with CNCAC Ottawa ،وغيرها، ممّا هو قادم من مشاريع ودعوات مشاركة في معارض شخصيّة وجمعيّة منها معرض مشترك ( Little Theater) اوتاوا/ كندا 2011/معرض مشترك (Ottawa Art Gallery)اوتاوا/كندا2011 معرض مشترك مع( CNCAC (Foyer Galleryاوتاوا-كندا2012/معرض مشترك (Selection-Trinity Gallery)2013 /معرض آخرمع جمعية أوتاوا للفنون/ 2014وحصولها على جوائز مُتقدمة ومهمة.

تواثبات الرسم.. وهواجسه
تُحيي (حنان الشّندي) روح هواجسها وتعليلات غُربتها الاضطراريّة بسلسلة متآخية من علاقات متعاقبة تتسّم بالمرونة وسعة الانفتاحٍ الحُرّ على  اختزال مشهدها التفصيلي، بأقل ما يمكن من رموزٍ وإشاراتٍ وأيقونات توليف وحدات إنشائيّة تتخلّل منظومة الحرص على جوها الحاني والقُدسي الخاص بعالمها وخصوصيّة أحلامها كوسائل دفاعيّة لصدّ آثار أوجاع الغربة عليها، حيث تتبلور تلك الوحدات والعلاقات من خلال رفع الزوائد والتحَلِيات المُقحمة كالتي تتعامل بها المرأة-الرسّامة بهاجسٍ من غريزة أنثوية مُلتبسة بضخ تفاصيل وبهرجة إكسسوارات وتزويقات تُرهق جدليّة العلاقات بين عناصر اللوحة، فيما تُعاكس (حنان) روادع تلك الانهماكات بفيض وعي مُختزل للكثير من هذه الإفاضات التعبيّريّة،في وقتٍ تُقايض فيه سطوة حضور الضوء صادحاً، غارقاً، مُغرداً، طيّعاً وهو يغمر سطوحها وثَنيات وطيّات مساحاتها المُعِززّة بملامح تجسيديّة لبعض من نماذج وأشكال متداخلة في كيان روح اللوحة الشاخصة بمساعي تماهيات مُتقنة مع غيرها من موجوداتٍ وتعاشقات لوّنيّة، نَهجُسها تتلاشى وتظهر وفق تدّفق لحظات اندغام مُختارة من أشرطة صورٍ حلميةٍ وأجواء ضبابيّة مُترعة بمشاعرِ شوقٍ وحنينٍ لعالم تسلّل خلسةً ومضى، فيما تكشف لوامس أخرى تصوّراتها عن مجاهيل عمقٍ يُرتلّ سيلاً من أحاسيسَ مُتدّفقة، لا يكادُ يبدأ هدير تخاطرها حتى ينتهي عند أولِ خيطٍ من ملامح شعورها بلا جدوى ذلك الإفصاح عن أصل وجوهر تلك المشاعر المُقحمة التي تُحاصر(حنان) -أحياناً- مثل كوابيس فيما تقوم هي - بدورها- بمحاصرة دواخلها ،أمام مَلكة إطلاق العنان لمُخيلتها في التفكير-مجدداً- بمواضيع أبعد مدى وأعم ممّا توّصلت في تجارب سابقة، وتلك مهارة تعويضيّة تُعين الفنّان في تمرين وتقريب محتوى مخيلته على الإتيان بدفقات مشاعر مضاعفة ومتوالدة من رحم ظروف واقعيّة محوّرة، كما في مجموعة أعمال نفّذتها (الشندي) إبان إقامتها في دمشق /2006 من تلك التي كانت قد توّضحت معالمها بما وشَمت ولخصّت وأنجزت توثيق من حالاتٍ ولحظاتٍ صعبة عاشت تفاصيلها في بغداد أيام تفاقم ما سُمّيّ بـ (الطائفيّة المقيتة)،ولعل عملها المُوشوم بطغيان اللوّن الأصفر، كمرادفٍ أو معادلٍ موضوعي لفعل الموت وسط وحشةِ لقاءٍ قَلقٍ وعناق مخنوق لشخصيّن قرب أسلاكٍ شائكةٍ تشي بأجواءٍ تنذر بالتوّجس وتُصفر بالخوف والهلع من مستقبلٍ غامض، لهو اختزال نوعيّ  لمآثر  وخواص تلك المجموعة الفائقة الحضور والمُنفذة بالأحبار ومادة (الأكريلك)المُخففّ فضلاً عن تقنيات اللصق (الكولاج)،وجدارة الوصول والحصول على ملمسٍ(تكسجر) خشن، يُزيد من براعةِ خلقِ نوعٍ من التنامي الدرامي داخل بنية العمل المُوصوف بوعي مُختلف ومتطوّر على  قريناتها وأقرانها بفارقٍ واضحٍ ، لقد أخذنا شروط وتسوّيات ذلك  العمل مثالاً و انموذجاً حيّاً لخصوبة وثراء هذه المرحلة ونواتج تفاعلها مع ما تلاها من محاولات وتواصل بحث وتجريب لازم تطوّر تجربتها.

ملاذات الطمأنينة.. وأوجاعها
تسامت ذاكرة(حنان) -فيما بعد فترات رحيلها عن العراق ما بين سوريا وكندا- في ترجمة ثنايا أبجديّات حنينِ فائق الأثر والتحوّل من مجرد ،نزعات تلّبسّت تُعصفُ في سبك وترصين صورٍ لذكرياتٍ من ذلك الماضي القريب من متناول مُخيلتها الطيعة، ولتحفل بعض تلك التحوّلات إلى فيوضات من هواجسٍ وظنونٍ وملاذٍ للطمأنينة وشعورٍ نسبيٍ بمعنى متعة الإحساس بالاستقرار من خلال الرسم ، عبر سوانح التعوّيض والسعي لاستعادة بعض أحلامٍ  يقظة عاشت جوانب من حالاتها ومواقفها وجميل ذكرياتها قبل مغادراتها الوطن، وما التعللُّ والتشبّثُ بخيط سمكة أو تراقص مجموعة أسماكٍ كما في جُعبة أعمالها الأخيرة وتحنيط لحظات تَسلِيتها بأسماك ملوّنة مرسومة بعناية فائقة،أو بفعل تحوير جزئي لتلك الاشكال، قد جاء ليعادل فكرة عدم العيش خارج الماء، والماء-قطعاً- لدى الفنّانة في نهاية القصد والمطاف هو بمثابةِ المُعادل الموضوعيّ لرحم ذلك الوطن، بعد أن أضحى بعيداً عنها جداً ،بل نائياً.
كما أن استدعاءات الفنانة،لقيمة تقيم الوانها الباهرة وأنساق تحسساتها الوجدانيّة وتوالي تخريجاتها التعبيريّة-التجريديّة، وبصيغة تجسيرات تتابعيّة لسيرها الحَذر في ملكوت موضوعات بتساميات بصريّة قادمة من مراسِي قوةٍ حدسٍ وتدفقِات شلالاتِ حنينٍ، ونسائم ريح عافية مشاعر مخلصة وجياشة، وذخيرة ثقافة عامة وخُلاصات وعي تشكيلي يلج في استيعاب أفكار ومواضيع وتطلعات قادرة على تبّني  صِياغات متماسكة في بناء وحدات لوحة خاصة،تستفيد من نجاح رِهانها في خلق فضاءات من سلالم بوحٍ  ودودٍ وفي توريد همهمات همس روحيّ يتسللّ بفرض بسط هيمنة البياض، البياض بمعناه الاستعاري والدّلالي حين يكلّل ويغمر نقاء دواخلها، وهموم ملامح شخوصها وتوافدات أحلامها بنسقٍ ُمعالجات وتقنيات مُحكمة بتوافر شروطها التفاعليّة المتوافقة مع نزعاتها التصميميّة التي تُحكم بها مديات وحركات رموزٍها وعلاماتها وتعليلاتها التداوليّة المفتونة والمسكونة بعذوبة روح وسحر الشرق، من تلك التي تناغي بها نكهة الموضوع ببراعة اختصارٍ وتوريد لجملة مضامين بمسحات إنسانيّة مذيّلة بتوقع فعلٍ تأملي واعٍ، مدعوم بموقفٍ جمالي، وطريقة تفكيرٍ مثاليّة-غالباً- تسعى لأن تداني ما يجب أن يكون عليه( الشندي)المُمتد والمتوّزع وفق معالجات ذات مستويات أفقية وأخرى عموديّة، كما في مسلات بعض أعمالها من جهة أخرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram