أقام المقهى الثقافي العراقي في لندن طاولته المستديرة الأولى، يوم الجمعة المصادف 15 7 2016. حيث خصصت هذه الطاولة لبحث موضوع ( مقام اللامي ) الذي كثرت فيه المناقشات وطال الجدل حوله. وقدم الفنانان المبدعان عازف الجوزة وخبيرها الأستاذ صهيب هاشم الرجب
أقام المقهى الثقافي العراقي في لندن طاولته المستديرة الأولى، يوم الجمعة المصادف 15 7 2016. حيث خصصت هذه الطاولة لبحث موضوع ( مقام اللامي ) الذي كثرت فيه المناقشات وطال الجدل حوله. وقدم الفنانان المبدعان عازف الجوزة وخبيرها الأستاذ صهيب هاشم الرجب وعازف السَكسفون الفنان عمّار علّو ، تصوراتهما مع مصاحبة غنائية من قبل الفنانة رؤيا غالي التي عطرت بصوتها الدافئ هذه الأمسية المميزة.
افتتح الفنان التشكيلي فيصل لعيبي صاحي الأمسية بالترحيب بالمساهمين فيها وبجمهور المقهى الكرام، وعرض ملخصاً لما سيتناوله المشاركون في هذه الطاولة ، كما عرَّف الجمهور بمكانتهم ودورهم الإبداعي. وأشار الى ان هذه الأمسية هي الأولى من امسيات الطاولة المستديرة التي سيدأب المقهى على إقامتها وذلك في اختيار موضوعة محددة تشغل بال العاملين في الوسط الثقافي العراقي او العربي مثل إشكاليات الشعر والأدب او الموسيقى والغناء والتشكيل أو المسرح والسينما، ومختلف الأجناس الإبداعية الأخرى في مجتمعنا. وقبل ان تبدأ الأمسية ، قام الأستاذ عدنان حسين ممثلاً عن الهيئة الإدارية للنقابة الوطنية للصحفيين العراقيين وباسمها، بتسليم شهادات التقدير والتكريم لثلاثة من الصحفيين المخضرمين من الذين مارسوا العمل الصحفي منذ ستينات القرن الماضي ولا يزالون وسط تصفيق الحضور وفرح المكرمين.
بعدها بدأ الأمسية الفنان عمّار علّو مرحباً مجدداً بالحضور وتقديم نبذة ملخصة عن موضوعة الأمسية ، ثم طلب من الفنان الأستاذ صهيب هاشم الرجب أن يفتتح الفعالية بعزف على آلة الجوزة العراقية المميزة والتي جعلت جمهورالمقهى يعيش في أجواء الجالغي البغدادي الأصيل من شدة حساسيتها وروعة نغماتها، حيث أعاد هذا المبدع المستمعين الى تلك الأجواء التي تركوها خلفهم في عراقهم المبتلى حالياً بمختلف صنوف التخلف والانحطاط.
الجدير بالذكر ان اول من ذكر مقام اللامي في تاريخ الموسيقى الشرقية هو المفكر والموسيقي البغدادي الشهير صفيّ الدين الأرموي ( 1216 – 1294 م) ، الذي عاش في الأيام الخيرة للدولة العباسية وفترة الاحتلال المغولي للعراق، وذلك في حديثه عن الأدوار وكان يسمى بسلّم ( البوسليك العبّاسي ) . وكان الأستاذ هاشم الرجب قد ذكر هذه المعلومة في كتابه عن المقام العراقي. وعرض المحاضر مخططاً لسلّم اللامي السباعي والذي يتكون من نص درجة في بدايته ودرجتين كاملتين ثم نصف درجة بعدها ثلاث درجات كاملة في أبعاده الطنينية ،وتحدث أيضاً عما يشاع عن نغم اللامي ونسبته الى قبيلة بني لام. التي كانت تستعمله في الحدي وأثناء رعي الإبل.
بعدها قدمت المطربة رؤيا غالي أغنية من نغم اللامي، هي : ( مليان قلبي من الولف مليان كله عتاب.. إلمن أعاتب ياخلق ، والولف عني غاب ... مليان كل قلبي حكي ... إلمن اروحن أشتكي ، ما ينفع وياه الندم ما ينفع وياه البكي) .
والمعروف ان المقام العراقي يتكون من أقسام عديدة هي : التحرير – القطع – الأوصال – الجلسة – الميانة – التسليم او التسلوم ن كما يسميها البغداديون . وعرض شهادة الفنان باهر هاشم الرجب في كتابه ( شجرة السلالم الموسيقية العربية )، الذي كتب في صفحة 103 : " الفنان الرائد محمد القبانجي كان أول من استخدم سلّم اللامي في الموسيقى العربية، حين قام بتسجيل بعض المقامات العراقية على إسطوانات ، أثناء تواجده في المانيا، فكون صيغة مقامية أسماها بــ ( مقام اللامي ) وسجلها على إسطوانة بشعر عراقي يسمى ( الأبو ذية ) وكان ذلك عام 1931م. "
بعدها جاء دور المطربة رؤيا وبمصاحبة الفنانين صهيب على الجوزة وعمّار على السكسفون. فغنّت : ( داري داري بهوى الأسمر انه حيران ) وردد الجمهور معها هذه الأغنية التي يعرفها العراقيون جيداً .
في هذه الأمسية ، ورغم طبيعتها الفنية والأكاديمية ، فقد كان لشهداء مجزرة الكرّادة وقفة حداد قام لها جمهور المقهى وكذلك للذكرى الـ 58 لثورة تموز الخالدة، حيث صفق لها الحضور. إذ ذكّرهم الفنان المبدع علي رفيق بهاتين المناسبتين المتناقضتين بين الألم والحزن وبين الفرح والبشرى ، كأيام العراقيين التي يتداولونها منذ فجر الحضارات في واديهم الخصيب ، الذي لم يخلُ يوماً من طامع او محتل ولا من إنجازات مذهلة قدمت للعالم خمس حضارات هامة.
بعد نهاية المحاضرة تكلم عدد من الحضور، كان اولهم الدكتور سعدي الحديثي خبير الغناء البدوي في العراق، فتحدث عن تكوين المقام وطبيعته وإمكانية الإنسان الموسيقي في خلق ما يشاء من المقامات مادام يملك موهبة في هذا المجال، ثم تحدثت المناضلة النسوية والشخصية الاجتماعية البارزة السيدة بشرى برتو وطلبت من المحاضرين ان ينوروا الجمهور حول الفرق بين مختلف المقامات والأنغام ، بينما تساءل الأستاذ إيميل كوهن. وهو من مؤسسي جماعة صالح الكويتي في لندن ، عن مقام اللامي المزدوج حسب تعبير الموسيقار صالح الكويتي نفسه، حيث سمعه منه شخصياً. وقد اجاب المساهمون في المحاضرة على الأسئلة كلها ومن ثم انتهت الامسية بتصافح الجميع وذهاب البعض منهم الى المكان الذي تعودوا الذهاب إليه للاحتفاء وتتمة السهرة .