اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي إذ "يُنرْفز"..

العبادي إذ "يُنرْفز"..

نشر في: 24 يوليو, 2016: 06:03 م

لا ينبغي لوم رئيس الوزراء، حيدر العبادي، عمّا أظهره من "نرفزة" عالية المنسوب وهو يُلقي كلمته في المؤتمر التربوي أول من أمس، فمّما يُمكن أن يُثير الأعصاب ويُفلت زمام ضبطها أن يكون المرء في مواجهة مَنْ ينطبق عليه القول المأثور "يُعلّم على الصلاة ولا يصلّي".
ممّا قاله السيد العبادي بعصبيّة مُبرَّرة في المؤتمر أنه"ليس من حقّ أحد رفع شعار محاربة الفاسدين ومؤسسته وأعوانه هم الفاسدون بالمجتمع"، واصفاً ذلك بـأنه" ازدواجيّة ونفاق"... ولسبب ما لم يشأ العبادي أن يُفصح عمّن يقصد بكلامه، لكنَّ الجميع تقريباً من المحلّلين السياسيين والإعلاميين والمراقبين فهموا أنه يعني زعيم التيّار الصدري، مقتدى الصدر، الذي بادر في الأشهر الأخيرة إلى رفع الصوت عالياً ضد الفساد الإداري والمالي المكتسح مفاصل الدولة والمجتمع كلّها، بل إنه درج على دعوة أنصاره للتظاهر والاعتصام للضغط على الحكومة ومجلس النواب والسلطة القضائية في سبيل وضع برامج مكافحة الفساد موضع التطبيق وإلغاء نظام المحاصصة، حاضنة هذا الفساد.
حتى في هذه الحدود، مع السيد العبادي الحق في ما قال، فالتيار الصدري لم يعدم الفاسدين بين وزرائه ونوّابه وسائر مسؤوليه في دوائر الدولة. لكنْ هذا جزء من الحقيقة، ومما يؤاخذ عليه العبادي في كلامه أول من أمس أنه تمسّك بهذا الجزء وترك الباقي سائباً. أمّا الحقيقة الكاملة فهي أن كل القوى والأحزاب التي تقاسمت السلطة منذ 2003 حتى الآن على وفق نظام المحاصصة المُتجاوز على أحكام الدستور، كانت لها حصصها المُعتبرة في الفساد. هذا يشمل الجميع من دون استثناء، والجميع هم: الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء (الدعوة الإسلامية)، وحلفاؤه في ائتلاف دولة القانون، وكذلك شركاؤه في الائتلاف الوطني (الشيعي) الذي يضمّ المجلس الأعلى الإسلامي ومنظمة بدر وكتلة الأحرار وحزب الفضيلة وتيار الإصلاح والجناحين الآخرين من حزب الدعوة (تنظيم العراق وتنظيم الداخل). وبين هؤلاء الجميع أحزاب وقوى الائتلاف السنّي( اتحاد القوى)، الحزب الإسلامي، والقائمة العربية وائتلاف الـ (النجيفي). ومستنقع الفساد يخوض فيه أيضاً ائتلاف الوطنية والتحالف الكردستاني بأحزابه المختلفة، فضلاً عن تجمعات صغيرة هي ذيول للقوى المتنفّذة في الحكومة والبرلمان. نعم الجميع متورط عن عمد وسابق إصرار في عمليات الفساد.
 العراقيون جميعاً يعرفون حقّ المعرفة هذه الحقيقة ويدركونها حِسِّيّاً، فهم يعانون أشدّ المعاناة من النتائج الوخيمة لهذا الفساد، الإرهاب وانعدام الأمن وانهيار نظام الخدمات العامة وتفاقم معدلات البطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية، وسوى ذلك.
هل هناك وثائق وأدلة قاطعة على الفساد العام الشامل بين قوى الطبقة الحاكمة؟.. أطنان من هذه الوثائق والأدلة متوفرة لزعماء هذه القوى، ورئيس الوزراء بالذات أعرف كلّ العراقيين بفساد الطبقة التي ينتمي إليها، وهو الأقدر على توفير هذه الوثائق والأدلة بحكم ترؤسه السلطة التنفيذية التي تمنحه، إنْ أراد، صلاحيات غير محدودة تقريباً في مكافحة الفساد الإداري والمالي، فهو قادر على توجيه هيئة النزاهة ودوائر المفتّشين العموميين والسلطة القضائية لوضع مكافحة الفساد موضع التنفيذ، وهو أمر تعهّد به في برنامجه الوزاري الذي صار عمره سنتين تقريباً وفي الحِزم الإصلاحية التي أطلقها خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة.
ليس مقتدى الصدر وحده ولا سائر زعماء القوى المتنفذة الذين لم يتخلّف أيٌّ منهم عن الاعتراف بتفشّي الفساد الإداري والمالي والمطالبة بمكافحته، هو من يمكن أن يقال عنه أنه يرفع شعار محاربة الفاسدين فيما مؤسسته وأعوانه هم فاسدون، وينطبق عليه القول بأنه "يُعلّم على الصلاة ولا يصلّي"، فرئيس الوزراء نفسه الذي يرفع شعار مكافحة الفساد لديه في مؤسسته وفي حزبه وفي ائتلافه وبين أعوانه مَنْ هم فاسدون، أي إنه أيضاً "يعلّم على الصلاة ولا يصلّي"، فخطاباته وبرامحه وحِزَمه المتعهّدة بمكافحة الفساد كانت ولم تزل جعجعةً بلا طحن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    تشخيص صائب وصحيح ان كافه القوي والاحزاب التي تقاسمت السلطة منذعام 2003 حتي الان دون استثناء ... كانت لها حصصها المعتبرة في الفساد نستخلص من ذلك ان من يحكم العراق حاليا شله من فاسدين ورعاة اثم مستديم , لكن يظل السؤال المطروح عن الحل

  2. بغداد

    يا استاذ عدنان حسين الفاضل لقد شبعنا من مسرحيات هؤلاء الدجالين وتصريحاتهم النارية المتفق عليها مسبقاً مجرد امتصاص غضب الشارع العراقي الذي ابتلي بهم بلوة ما صايرة في التاريخ متصورين عندما يخرجون على الفضائيات بأفلامهم الهندية هذه ان الشعب غبي الى هذه الدرج

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram