كتب الموسيقار الألماني العبقري روبرت شومان (1810 - 1856) سنة 1849 عملاً غريب العنوان هو "قطعة كونشرتو لأربعة هورنات"، شخصياً أعدّه أحد لآلئ العصر الرومانتيكي رغم الإهمال الذي يعانيه. فالعمل ليس كونشرتو لأربعة هورنات رغم أنه يحمل كل ملامح الكونشرتو، ف
كتب الموسيقار الألماني العبقري روبرت شومان (1810 - 1856) سنة 1849 عملاً غريب العنوان هو "قطعة كونشرتو لأربعة هورنات"، شخصياً أعدّه أحد لآلئ العصر الرومانتيكي رغم الإهمال الذي يعانيه. فالعمل ليس كونشرتو لأربعة هورنات رغم أنه يحمل كل ملامح الكونشرتو، فكل اختلافه عن تقاليد شكل الكونشرتو البندقي هو خلوه من قسم العرض الذي اعتادت الأوركسترا البدء به في الكونشرتو التقليدية. فالحركة الأولى تبدأ بكوردين من الأوركسترا تتبعهما الهورنات الأربعة في تقديم اللحن الأساسي باختصار. ما يميز هذا العمل الرائع هو الابتكار في التوزيع الهارموني، وطبيعته الغنائية وعمق الامكانيات التعبيرية. لعل قطعة الكونشرتو من بين الأعمال التي يستحب سماعها تكراراً، فهي مثيرة من جهة كثافة التفاصيل الصغيرة المتخفية بين النغمات وتآلفها، فكل سماع جديد يجلب للمتذوق متعة اكتشاف جديدة.
شومان الذي أعده أحد أهم العبقريات الموسيقية في فترة قمة العصر الرومانتيكي لا يلقى الاهتمام المناسب لهذه العبقرية على العموم. فتأثيره لا يقتصر على مهاراته في العزف على البيانو ودوره في الرقي بالرومانتيكية إلى ذراها في منتصف القرن التاسع عشر عبر تطوير فني البيانو والأغنية ولاحقاً استعمال الاوركسترا بشكل جديد، بل يتعداه كذلك إلى الاسهام في خلق فن النقد الموسيقي الرصين عبر مجلته المتخصصة "Neue Zeitschrift für Musik" أي المجلة الجديدة للموسيقى، فكان شومان أهم النقاد الموسيقيين في عصره دون منازع.
كانت زوجته كلارا أكبر سند له في حياته الفنية، وهي مؤلفة موسيقية عظيمة وعازفة بيانو بارعة هي الأخرى، فكانت الناقد الداخلي البيتي لفنه وقدمت له النصح والأفكار الجديدة، ثم رعته في أيام محنته ومرضه حتى وفاته مبكراً وهو في السادسة والأربعين تاركاً خمسة أطفال وأرملة شابة.