الذين يصيبهم الملل من خطب السياسيين، والإحباط من تحضيرات برلمان العصور الوسطى لقانون حريّة التعبير، بفقراته الكوميديّة التي أبرزها عدم المساس بالرموز، وبما أنّ معظم مسؤولينا رموزٌ وطنيّة ودينيّة فسيُصبح الحديث عن محمود الحسن وناهدة الدايني جريمة تذهب بصاحبها إلى الهلاك، ولهذا ربّما سنخشى في الأيام القادمة أن نُظهر حُزنًا على الدولة التي تحولت إلى قبيلة، فتسألنا عواطف النعمة: "وانتم شعليكم؟"، ونخشى أن نقول لها ياسيدتي نحن مواطنون عراقيون، فتُصدر قراراً بإسقاط الجنسية عنّا، وحتما سأكون أول مَن يخشى الكتابة عن الديمقراطية التي تزدهر في زمن عالية نصيف، واستقلال القضاء، فيعتقد السادة أعضاء مجلس النواب أنّي معترض على جمعهم للسلطات والامتيازات والعمولات والمقاولات والسفريات في جيب واحد، فيعتبرون رأيي إساءة للرموز " النيابية "، فيصدر قرار بإبعادي إلى موريتانيا الشقيقة التي قرّر إبراهيم الجعفري أن يؤسِّس معها وحدة اقتصادية وأمنية. ولهذا ربما لا أجد حلّاً سوى أن أطلب منكم أن تشاركوني مشاهدة فديو كليب جميل جداً، أصدره وزير خارجيتنا إبراهيم الجعفري قبل أشهر معدودات،ولكن بسبب ثورة نواب الإصلاح بقيادة مشعان الجبوري، لم يلتفت إليه أحد، ولم يحظ بنسب مشاهدة أُسوة بآخر فديو كليب أصدرته لقاء وردي!
لا يمثل فديو كليب إبراهيم الجعفري، الذي تمّ تصويره في مطار بغداد الطريقة التي يعمل فيها المسؤول على تسخير كلّ إمكانات الوزارة لخدمته والسهر على تطييب مزاجه المتعكّر،، بقدر ما يُمثّل أصل المشكلة التي يعيشها النظام السياسيّ في العراق وجوهرها، وزير خارجية يعود من مؤتمر أُقيم في إحدى الدول العربية، فيجد الوزارة وقد استأجرت العشرات من الذين يهتفون " بالروح بالدم " لاستقباله في المطار، مع كاميرات حديثة، تصوّر آخر ما أنتجته عبقرية صُنّاع الفديو كليب الحكوميّ.
لا شيء شخصيّ عندي ضدّ السيد الجعفري. فهو ظاهرة لطيفة يكاد العراقيون يُجمعون على طرافتها. وأنا بالتاكيد مع أيّ كائن يتّفق حوله العراقيون بكلّ أطيافهم. وأعترف بأنّ خُطب وحكم أو تفانين السيد الجعفري لا تدخل ضمن اهتماماتي، حتى لو أُعدت قراءة المرحوم جاك دريدا الذي أحاول منذ سنوات التعرف على معنى فلسفته، ورغم صعوبة مصطلحاتها إلا أنني والحمد لله استطعت ولو بشكل بسيط ان أفهم بعض مما كتبه، لكنني أعجز حتى هذه اللحظة عن فهم الغايات أو الداوفع التي تجعل السيد الجعفري يكرّس ثلاثة عشر عاما من حياته في العراق يتكلم بلغة انقرضت منذ قرون. وهذا لا يعني أنني لم أُحاول مع السيد الجعفري أو أنني لم أبذل جهدا لتفسير نصوص خطاباته، لكن للأسف جميع محاولاتي ذهبت سدى. لكنني أعترف أنني معجب بمهارة السيد صاحب مقولة " تموّجات السلطة " لقد استطاع، بخطب غريبة وأداء " روزخوني "، أن يُصبح حديث العراقيين!.
" الكليب " الأخير للجعفريّ
[post-views]
نشر في: 29 يوليو, 2016: 06:35 م
جميع التعليقات 3
بغداد
أستاذ علي حسين اين الثرا من الثريا !!! شيجيب دريدا الفيلسوف الفرنسي على مصخم الوجه الحيزبون الروزخون ابراهيم اشقوري الجعفري ؟؟؟ الفرق مليون سنة ضوئية ، دريدا خاطب الناس بلغة العصر وجعفوري يخاطب الأشباح حتى الحمار افقه منه ؟! ليش هو اكو واحد براسة خير ويع
محمد سعيد
حقائق واضحه في استغلال جهل الامه والضحك علي ذقون العباد , بما يمارسه ادعياء الدين وفلاسفة الاسلام الحنيف... وهنا لي الحق في ايراد مقوله قيلت منذ زمن بعيد من عالم وفيلسوف عربي مشهود.. ابن رشد حينما اكد التجارة بالأديان هي التجارة
ام رشا
طبيب فاشل غريب الاطوار مصاب بداء العظمة