تمر يوم الثلاثاء المقبل الذكرى الحادية والأربعون لوفاة دمتري شوستاكوفيتش (1906 - 1975). وقتها كنت مهتماً بموسيقاه، بدوافع سياسية أول الأمر على ما يبدو، قبل أن يتضح لي لاحقاً مقدار عبقرية وعظمة هذا المؤلف. أذكر أنني حزنت لسماع خبر وفاته كثيراً. كنت في
تمر يوم الثلاثاء المقبل الذكرى الحادية والأربعون لوفاة دمتري شوستاكوفيتش (1906 - 1975). وقتها كنت مهتماً بموسيقاه، بدوافع سياسية أول الأمر على ما يبدو، قبل أن يتضح لي لاحقاً مقدار عبقرية وعظمة هذا المؤلف. أذكر أنني حزنت لسماع خبر وفاته كثيراً. كنت في تلك الأيام في شارع النهر فالتقيت صدفة بالشخصية الاسطورية المحبة للموسيقى والفنون المرحوم الاستاذ مازن الزهاوي وهو يرافق ضيفاً أجنبياً وأبلغته بخبر الوفاة. لا أعرف من كان ضيفه ولم أستفسر عنه منه لاحقاً، لكن المرحوم نقل له ما قلت، فبدت معالم الاهتمام على الضيف.
استمعت وقتها إلى سيمفونية شوستاكوفيتش الحادية عشرة، التي أهداها إلى ثورة 1906. وقد كتبت شيئاً عن السيمفونية هذه سنة 1977 في اسبوعية الفكر الجديد. لم أنجح في الاستماع إلى أعماله لاحقاً بعدما غادرت العراق في 1979 سوى نادراً، وكانت هنك تسجيلات قليلة له. لكن مع ظهور الانترنت وبداية الثورة الرقمية قبل ربع قرن، أصبح الوصول إلى أعماله أكثر يسراً فاستمعت إلى الكثير منها، واخترت للقراء الكثير منها في كتاباتي، مثل كونشرتو البيانو رقم 1 ورقم 2 وعن موسيقى الأفلام التي كتبها ورباعيته الوترية (الوصية) وعن سيمفونيته الحادية عشرة في كانون الثاني هذا العام.
شخصياً اهتممت بالرباعيات الوترية، كذلك بأعماله للبيانو (وهو كما نعرف عازف بيانو جيد في الوقت نفسه) على الخصوص مجموعته 24 مقدمة وفوغا للبيانو التي ألفها سنتي 1950 – 1951 على غرار مجموعتي الأعمال التي ألفها باخ وبنفس الطريقة، أي كتابة مقطوعة لكل نغمة بسلمين، الكبير والصغير. وعدد نغمات السلم الموسيقي الأوروبي هي 12 نغمة كما نعلم (على البيانو سبعة مفاتيح بيضاء وخمسة مفاتيح سوداء)، بذلك نحصل على العدد 24. وكان غرض باخ آنئذ إثبات صحة طريقته في دوزنة أدوات المفاتيح (الهاربسيكورد) المسماة "المعدلة"، التي غير فيها التردد المستعمل لدوزنة بعض النغمات مبتعداً عن ترددها الطبيعي قليلاً لجعل الدورة الموسيقية للسلالم أكثر انسيابية. وفي هذين الجزءين التعليميين نعثر على عدد من أجمل أعمال باخ غنائية ورقة. نفس الشيء نشعر به عند شوستاكوفيتش، ففي مجموعته نجد أعمالاً معقدة ومتنافرة النغمات، واخرى رقيقة غنائية جميلة.










