هناك فارقٌ كبيرٌ بين أن تؤسس لمشروع حيوي في المجتمع ، يؤثر في الناس ، وتراهن فيه على ديمومته واضعاً ثقتك بعناصر كفوءة تشاركك السعد والحزن، الربح والخسارة – ليس مالياً بالضرورة - على جميع الصُعد، وبين أن تتطلّع كلما حانت ذكرى التأسيس الى وجوه الشركاء مَنْ بَقي لأجل العمل ومَن تمرّد ورحل ومَن أغضبه موقف ما وزعل ، لكنك في النتيجة لا مناص من قبولك الحقيقة : الأوفياء هم ربحك المعنوي الدائم لماضٍ ثريّ بكنوز العطاء وحاضر تدافع بهم لردع المحن والمصائب بروحية البيت الواحد.
13 عاماً تكفي لإصدار شهادة الوفاء لمجموعة من العاملين بحرصٍ وتفانٍ ممن واصلوا خدمة المدى في مختلف الظروف بحلوها ومرّها، وسط مفخخات الإرهاب وتهديدات الفاسدين. سال حبرها كالدم بين ضحايا المفجوعين بالنكبات، لكنها صمدتْ وقاومتْ ، خسرتْ وعوّضتْ ، لكنها لم تلِنْ أو تركبَ موجة الانبطاح ، ظلّت المدى عزيزة وأبية ورأسها مرفوعاً كلما اشتدّت بها الأزمات. فالرهان دائماً وأبداً على مَن أوفى لنفسه بأن يحفظ أمانة العهد ألّا يتخلى عنها مهما تكالبت الظروف لثنيه عن موقفه.
في عيد المدى تسترجع الذاكرة صوراً لشخصيات عدة مرّوا من هنا، عرفناهم بسيرهم الرائعة ومنجزاتهم المهنية كلٌ في تخصصه، أجبرت الأقدار بعضهم أن يغادروا المكان إما لالتحاقهم بمشروع آخر أو لدواعٍ عائلية أو لالتحاقهم بالرفيق الأعلى، تركوا بصماتهم في كل ركن من المدى، ارواحهم تجوب قاعة التحرير الكبرى وتطل على الاقسام صباح مساء شوقاً لرفقة العمر والمقاعد الفارغة من ضحكاتهم وحسراتهم، حتى يُنبهنا الدمع المنساب بغتة أن نعاود واقعنا وننهمك بالكتابة لإنجاز الصفحة لتستمر ولادات المدى كل يوم ولن تموت على إطلال الماضي.
أحفظوا معي اسماء ( ماجد الماجدي سكرتير التحرير الفني، خالد خضير المدير الفني، علاء المفرجي رئيس رئيس القسم الثقافي، إياد الصالحي رئيس القسم الرياضي، ، المحرر الرياضي حيدر مدلول، المدقق المالي قاسم زامل، باحث انترنيت عامر حامد، المشرف اللغوي عبدالعباس علوان أمين، مدير التوزيع حسن يوسف، عدنان إبراهيم ومحمد حمودي - قسم التوزيع، طارق طالب وعلي مهدي - قسم الآليات، مسؤول صيانة الحاسبات قصي صدام) هؤلاء هُم الحرس الأوفياء لبيت المدى منذ عام 2003 حتى الآن بمعية من يواصل معهم الخدمة بشرف مهني عالٍ ممن جاءوا بعدهم بسنين، لم تخذلهم أراداتهم الحرّة في طرد وساوس الشياطين كي يحذوا حذوهم في الخنوع للمغريات وتسديد الطعنات من الظهر والهروب بصمتٍ، أبداً ، بل تسلحوا بثقة النفس وقوة الامكانية على تحديد خيار الدفاع عن بيتهم مهما تقلّبت بهم الأحوال وضاقت بهم السبل.
عذراً، ما تناوله الزملاء خليل جليل وعبدالوهاب النعيمي ومحمد حمدي في تغطيتهم الخاصة عن الذكرى 13 لتأسيس المدى يُغني المتابع برؤية واقعية عن اصداء رسالة رياضتنا طوال سني عطاء المدى في المحيط الرياضي، ونضيف عليهم أن المدى ولدت كبيرة باسماء العاملين فيها ، أعطت درساً أن الصحفي الكبير لا يشفع تاريخه الطويل لاحتكار اللقب أو الاستحواذ على اصوات بضعة مشجعين تمثل ارتداد رغبات عاطفية محكومة سلفاً بمؤثرات مجتمعية مقيتة، بل الصحفي الكبير باخلاقه وثباته على المبدأ ونفوره من الانتهازية التي صارت ديدن البعض، ولهذا نفتخر بأنَّ بُناة المدى الرياضي هم من كبار الصحفيين خُلقاً وعِفّة ومهنية وإحتراماً وسط الرياضة والإعلام. وإذا كانت الظروف الخاصة بالزملاء خليل جليل وإكرام زين العابدين وطه كمر ويوسف فعل حالت دون مواصلة رحلة وفائهم معنا فإننا نستذكر دورهم مع المشرف اللغوي محمد حنون في كل عيد لما اسهموا من تثبيت ركائز رصينة شُيّدت عليها كل صروح العمل الصحفي المتميز من خلال الحوار المثير والاستطلاع الهادف والتقارير ذات التحليلات الواقعية المقوّمة للمؤسسات الرياضية، فضلاً عن الأعمدة الكاشفة لبؤر الخلل والكسل من أجل الإصلاح الرياضي وليس الاستهداف الشخصي.
مبارك لنا ولكم العيد 13، آملين أن تكون السنة القادمة محط فخرنا أيضاً وروزنامتها توثق أجمل المواقف وأبهر الحكايا عن حرس المدى القدامى والجدد.
13 عاماً مع حرس المدى
[post-views]
نشر في: 5 أغسطس, 2016: 03:37 م