TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كماليات الديمقراطي

كماليات الديمقراطي

نشر في: 6 أغسطس, 2016: 04:58 م

أحد أصحاب المحال في بغداد ، وفي سابقة لم تشهدها العاصمة ، أطلق مفردة "الديمقراطي"   على محله المتخصص ببيع الأدوات الاحتياطية  للسيارات . يبدو ان الرجل يرغب في استثمار  المصطلحات السياسية المتداولة من أجل ترسيخها في الأذهان، او انه يهدف الى استقطاب الزبائن المؤمنين بالنظام الديمقراطي بوصفه الأسلوب الوحيد لإدارة الدولة لمنع عودة الدكتاتورية  وهيمنة الحزب الحاكم وأمينه العام على مصير البلاد والعباد .
يوم  كان الراحل أحمد المهنا يتولى رئاسة تحرير صحيفة "العالم" اتصل بكاتب كان قد بعث  بمقال تحت عنوان : "ميزانية المالكي وبلنص علاوي" لكتابة مقال اسبوعي في الجريدة لاعتقاد الراحل المهنا ان المرارة العراقية المتمثلة بالأوضاع السياسية والأمنية بالإمكان تجرعها بالسخرية او الضحك على الأزمات، استنادا الى حكمة يستخدمها الصينيون تقول :"السخرية من الأزمة تساعد على حلها" . مقابل هذا القول الصيني القديم فإن للعرب أساليبهم في معالجة الأزمات ولعل "ابعد عن الشر وغنيلو" ، على حد قول الاشقاء المصريين،  يختزل  الطريقة  الشعبية في التعاطي مع الأزمات الشخصية، اما السياسية والأمنية فتحتاج الى قرارات من اصحاب الحل والربط واحيانا الى تدخل دولي وعقد اجتماعات لمجلس الأمن لبلورة اتفاق تشارك فيه الدول العظمى لحل المعضلة.
 تعاطي المجتمع الدولي مع المشاكل والأزمات المتمثلة بنشوب نزاعات وحروب ،خاصة في منطقة  الشرق الأوسط، عادة ما يكون بطيئاً يحتاج الى نفس طويل واتصالات مستمرة لحين  التوصل الى اتفاق، لإصدار القرار المناسب بعد اجراء حسابات دقيقة تراعي تنافس الأقطاب الكبيرة ، فضلاً عن التوازنات الدولية .
 هذه الأسباب، وغيرها ، جعلت العرب يعيشون أزمات سياسية وأمنية تتناسل مثل الأرانب ،يشعرون  بخيبة أمل كبيرة من امكانية حل القضية  الفلسطينية ، والقضاء على الجماعات الإرهابية ، بالإضافة الى مشاكل أخرى تتعلق بضغط المجتمع الدولي على  حكام الأنظمة وإجبارهم على احترام حقوق الانسان ، وحرية التعبير عن الرأي  وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية تمهد  لخوض انتخابات تعبرعن إرادة الشعوب .
 صاحب "كماليات الديمقراطي" ربما سيشجع الآخرين على استقطاب الزبائن باستخدام طريقته في الترويج لبضاعتهم، كبة السراي مثلا قد تتخلى عن اسمها القديم  وتضحي بماركتها التاريخية المعروفة لتواكب موجة ما بعد الحداثة وتختار اسم "كبة الكتلة العابرة للمكونات -السراي سابقاً" ، ورشة الكتلة الاكبر"لكبس صوندات الهايدروليك " ، ميزانية  التوازن والبلنص الفيدرالي، صالون الشفافية لتجميل السيدات وشفط الشحوم ، بإدارة  محبوبة الشعب  رافعة شعار النزاهة وملاحقة المفسدين ، ورشة صبغ وسمكرة تعديل الدستور ، مطعم الأغلبية المطلقة للوجبات السريعة .
في سنوات سابقة كانت  الجهات الرسمية  المسؤولة عن منح تراخيص فتح المحال التجارية تلزم اصحابها باختيار اسماء تعبر عن المعاني الوطنية ، تؤكد  تعاطف الجماهير  بالقضايا المصيرية ،  فاختار  اسكافي اسما اثار غضب الاجهزة الامنية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram