أحد أصحاب المحال في بغداد ، وفي سابقة لم تشهدها العاصمة ، أطلق مفردة "الديمقراطي" على محله المتخصص ببيع الأدوات الاحتياطية للسيارات . يبدو ان الرجل يرغب في استثمار المصطلحات السياسية المتداولة من أجل ترسيخها في الأذهان، او انه يهدف الى استقطاب الزبائن المؤمنين بالنظام الديمقراطي بوصفه الأسلوب الوحيد لإدارة الدولة لمنع عودة الدكتاتورية وهيمنة الحزب الحاكم وأمينه العام على مصير البلاد والعباد .
يوم كان الراحل أحمد المهنا يتولى رئاسة تحرير صحيفة "العالم" اتصل بكاتب كان قد بعث بمقال تحت عنوان : "ميزانية المالكي وبلنص علاوي" لكتابة مقال اسبوعي في الجريدة لاعتقاد الراحل المهنا ان المرارة العراقية المتمثلة بالأوضاع السياسية والأمنية بالإمكان تجرعها بالسخرية او الضحك على الأزمات، استنادا الى حكمة يستخدمها الصينيون تقول :"السخرية من الأزمة تساعد على حلها" . مقابل هذا القول الصيني القديم فإن للعرب أساليبهم في معالجة الأزمات ولعل "ابعد عن الشر وغنيلو" ، على حد قول الاشقاء المصريين، يختزل الطريقة الشعبية في التعاطي مع الأزمات الشخصية، اما السياسية والأمنية فتحتاج الى قرارات من اصحاب الحل والربط واحيانا الى تدخل دولي وعقد اجتماعات لمجلس الأمن لبلورة اتفاق تشارك فيه الدول العظمى لحل المعضلة.
تعاطي المجتمع الدولي مع المشاكل والأزمات المتمثلة بنشوب نزاعات وحروب ،خاصة في منطقة الشرق الأوسط، عادة ما يكون بطيئاً يحتاج الى نفس طويل واتصالات مستمرة لحين التوصل الى اتفاق، لإصدار القرار المناسب بعد اجراء حسابات دقيقة تراعي تنافس الأقطاب الكبيرة ، فضلاً عن التوازنات الدولية .
هذه الأسباب، وغيرها ، جعلت العرب يعيشون أزمات سياسية وأمنية تتناسل مثل الأرانب ،يشعرون بخيبة أمل كبيرة من امكانية حل القضية الفلسطينية ، والقضاء على الجماعات الإرهابية ، بالإضافة الى مشاكل أخرى تتعلق بضغط المجتمع الدولي على حكام الأنظمة وإجبارهم على احترام حقوق الانسان ، وحرية التعبير عن الرأي وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية تمهد لخوض انتخابات تعبرعن إرادة الشعوب .
صاحب "كماليات الديمقراطي" ربما سيشجع الآخرين على استقطاب الزبائن باستخدام طريقته في الترويج لبضاعتهم، كبة السراي مثلا قد تتخلى عن اسمها القديم وتضحي بماركتها التاريخية المعروفة لتواكب موجة ما بعد الحداثة وتختار اسم "كبة الكتلة العابرة للمكونات -السراي سابقاً" ، ورشة الكتلة الاكبر"لكبس صوندات الهايدروليك " ، ميزانية التوازن والبلنص الفيدرالي، صالون الشفافية لتجميل السيدات وشفط الشحوم ، بإدارة محبوبة الشعب رافعة شعار النزاهة وملاحقة المفسدين ، ورشة صبغ وسمكرة تعديل الدستور ، مطعم الأغلبية المطلقة للوجبات السريعة .
في سنوات سابقة كانت الجهات الرسمية المسؤولة عن منح تراخيص فتح المحال التجارية تلزم اصحابها باختيار اسماء تعبر عن المعاني الوطنية ، تؤكد تعاطف الجماهير بالقضايا المصيرية ، فاختار اسكافي اسما اثار غضب الاجهزة الامنية .
كماليات الديمقراطي
[post-views]
نشر في: 6 أغسطس, 2016: 04:58 م