اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مسلسل البرلمان

مسلسل البرلمان

نشر في: 6 أغسطس, 2016: 07:00 م

أُشفق على المواطن البسيط الذي ينتظر نهاية ما يجري تحت قُبّة البرلمان،  متوهماً أنّ هناك صرعاً سياسياً بين أطراف الأزمة، ولا يريد هذا المواطن الذي نام سعيداً يوم استجواب العبيدي أنْ يدرك أنّ معطم سياسيينا ومسؤولينا شركاء في الخراب، فمنهم مَن لم يرَ أبعد من غنيمة الحصول على منصب سياسي، وآخر يصر على أن يستحوذ على كل شيء وأي شيء، المواطن البسيط كان يُمنّي النفس ان يكون هو الحاضر الاول في مناقشات البرلمان، بينما الواقع يقول إنّ الاجتماع مجرّد صفقة للاستثمار السياسي والاستمرار في ممارسة السطو على مقدرات وثروات البلاد. لقد بات واضحاً للجميع أنَّ فشل القوى السياسية في صياغة مشروع وطني  لدولة مدنية تحترم خيارات شعبها، دفع هذه القوى إلى خوض معركة المصالح والمكاسب، فنحن أمام قوى تدّعي السياسة،لكنها في الحقيقة مجرّد أفراد ومجموعات انشغلوا بقوانين الحشمة وفرض الوصاية على العباد ومطاردة النساء في أماكن عملهنَّ ودراستهنَّ، وتحويل ثروات البلاد الى دول الجوار. سياسيون ومسؤولون يحملون بضاعة منتهية الصلاحية ويريدون بالتحايل والمكر والخديعة فرضها على الشعب، يثيرون غبار المعارك من أجل التغطية على أحلام بناء دولة مؤسسات تقدّم للناس الخدمات والتعليم والعلاج وتتيح للعراقيين جميعا بغضّ النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم ، فرصاً كريمة للعيش والعمل. لقد مضت أشهر طويلة على الأزمة السياسية الأخيرة وعُقد أكثر من اجتماع مجاملة وصدر أكثر من بيان تطمين وسمعنا أكثر من مسؤول يقول إنّ القوى المتحاربة ستلقي السلاح أرضاً، لكنّ الواقع يقول إننا مازلنا نواجه سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكاراً ولا يطرحون مشاريع بنّاءة، وأنّ اجتماعاتهم لا تعطي أملا للناس ولا تبشّر بفرص حقيقية، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائما ما تنتهي بجمل وعبارات ملّت الناس من سماعها، وسنجد أنّ الجميع مصرّون على مواصلة ذلك الخطاب المحرّض على الفوضى السياسية، هذه الفوضى التي تجعل من اجتماعاتهم مجرد دراما كوميدية تثير الأسى أكثر من الضحك.
المشهد العبثي الذي نعيشه اليوم يقول بوضوح إنّ أيّ كلام عن عدم وجود قوى سياسية حقيقية غير صحيح، وأنّ ما نراه الآن مجرد دكاكين تجارية بواجهات سياسية تريد أن تجني ثمار التغيير لصالحها.
لم يتبق لنا ونحن ننتظر النهاية " السعيدة " لجلسات البرلمان، سوى ان نشكر كلّ الكومبارس من النواب والسياسيين الذين أدّوا أدوارهم بكلّ مهنية وإخلاص وساهموا بتقديم نهاية ممتعة للمسلسل الدرامي الطويل " استجواب الوزراء " الذي قوبل بتصفيق حادّ من العراقيين المساكين الذين أدهشتهم الأحداث وهي تسدل على صوت حيدر العبادي  الذي سيخبرنا ان في الطريق مسلسل جديد أكثر تشويقاً وإثارةً " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    نحن خرجنا من النفق المظلم والمرعب والاسود ولكن مازلنا لانرى وهده حالة طبيعيه طبيعيه لكل شعب خرج من النفق البعثى الاجنبى بامنه وحربه وفسادة--لا زلنا لانرى وهدا طبيعى بالنسبة لشعب عميت ابصاره وصودرت ارواحه ودفنت اجساده فى وادى السلام---لكل جندى

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

 علي حسين مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي...
علي حسين

قناديل: عالَمٌ من غير أحزاب

 لطفية الدليمي ما يحصلُ بين الحزبين العتيديْن في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الامريكية 2024 أمرٌ أبعد من فنتازيا جامحة. هل كنّا نتوقّعُ قبل عقدين مثلاً أن يخاطب رئيسٌ أمريكي رئيساً امريكياً سابقاً...
لطفية الدليمي

قناطر: العراقيون لا يتظاهرون!!

طالب عبد العزيز أمرٌ غريبٌ جداً، هو خلو شوارع البلدان العربية كالعراق وسوريا ومصر وليبيا وغيرها من التظاهرات المنددة بما يجري في غزة ولبنان والمنطقة بعامة، من انتهاكات، وتجاوزات، صهيونية وأمريكية، فيما شوارع العالم...
طالب عبد العزيز

تعديل قانون الأحوال الشخصية.. من منظور سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح تذكير(في 23 تشرين الثاني 2013 انجز وزير العدل السيد حسن الشمري مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي جاء امتثالاً لمرجعه السياسي والفقهي السيد اليعقوبي المحترم، مع ان المسؤولية تفرض عليه...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram