لأن الحاكم او الرئيس — آي حاكم او رئيس ــــ ولآسباب جلية وخفية ، لا يمكنه ان يُعايش عموم الشعب، العامة منهم والخاصة، لا يمكن ان يقابلهم يوميا ، في الأسواق والحواري . بغية الإطلاع على آحوالهم عن كثب من دون وسيط ، او محاولة حل مشاكلهم ، فإنه مضطر لأن يرى ويسمع ويشم ويلمس من خلال تقارير ورؤى المستشارين ، رجال الصف الثاني والثالث وحتى العاشر ، وهنا يكمن الخطر على البلاد والعباد وعلى الحاكم نفسه ، لو ظل الحاكم اسير تقارير مستشارين ( منقادين) لهوى حزب او كتلة ، او منافع شخصية او فئوية .
ترفع التقارير عن شعب راضٍ ومغتبط ، عاشق لرئيسه وطاقم حكمه ، بينما عموم الشعب ساخط ، غاضب و متذمر … التقارير تؤكد إن الوضع هادئ ، والريح رخاء ، بينما الوضع العام ، يمور كما الجمر تحت الرماد . والريح تنذر بعاصفة .. تقارير المستشارين تفيد بتوفر الرغيف والغموس ، والرغيف شحيح والغموس مفقود .. التقارير تنبئ عن رخاء عيش وولاء غير مثلوم .. بينما رخاء العيش غدا حلماً بعيد المنال ، والولاء يتشظى كلما مالت الريح ، ولاحت الغنائم .
من هنا تجيء خطورة ضعفاء المستشارين ، او جهلهم او إنقيادهم ، انهم وبالٌ على البلاد والعباد والحاكم معاً . وليس غريبا عليهم إستعدادهم لمغادرة المركب - عند اول هبوب للريح ، والتهيؤ لتعليق كل الأوزار في رقبة الحاكم.
رجال الصف الثاني الأقوياء ، ذوو الرؤية الصائبة والنظر الثاقب ، هم سقف الحاكم وسياجه ووسيلته الناجعة لتحقيق برامجه ، شرط ان لا يضعفوا امام مغريات السلطة ، وان تُعطى لأصواتهم جدارة واولوية ان يقولوا ( لا أو نعم) عن قناعة غير مشوبة ، وحرية غير مهددة . …
ما آكثر الدروس المستنبطة من حقب التاريخ ، البعيدة منها والقريبة . ولكن ( البعض ) لا يحسن فك الخط ، او لعله يكره قراءة التاريخ !!
المستشارون، سقف وسياج
[post-views]
نشر في: 7 أغسطس, 2016: 09:01 م