نتذمّر ، ونواصل التذمّر ..الحر يفوق احتمالنا ..الكهرباء تحوّلت الى أضوية مرورية تشتعل وتنطفىء خلال دقائق ..لكننا في النهاية لابد ان نحظى بلحظات من الراحة فنخلد الى النوم في حجرات مبرّدة ونشرب الماء المثلج ونتابع برامجنا التلفزيونية المفضلة او نغوص في مواقع التواصل الاجتماعي لنشعر بأننا على قيد التحضّر والتكنولوجيا ..
وحدهم النازحون يواصلون دفع ضريبة سياسات حمقاء وغدرعشائري وإهمال حكومي ، وبعد ان راود الأمل نازحي محافظة الانبار بالعودة الى ديارهم ومازالوا يعدّون الأيام لتحقيق ذلك ، ستبدأ ازمة نازحي مدينة الموصل وستتحول الى كارثة انسانية كما تُشير الى ذلك بوادرها، فعلى الأتربة الساخنة ترتمي الاجساد التي لا تجد لها مكاناً في الخيام إذ فاق عدد العوائل النازحة عدد ما وفرته لها المنظمات الانسانية من خيام ، وفي حر الصيف اللاهب الذي تجاوز الـ50 درجة مئوية سنجد بين النازحين مَن لم يستحم لأسابيع ، ولن نجد لديهم ماءً بارداً ولا أدوية كافية تعالج امراضهم القديمة والمستحدثة بسبب النزوح كالتهابات الأمعاء لدى الاطفال والجرب وسوء التغذية ..سيمكننا ربما ان نفهم ببساطة ،لماذا فضّل بعض اهالي الموصل البقاء في المدينة برغم معاناتهم من داعش وبدء المعركة والقصف ولم يحاولوا الخلاص من معاناتهم والهرب الى مدن اخرى لحين تحرير الموصل ..لقد فضّلوا الموت داخل المدينة على النزوح واعتبروه أشرف بكثير من الموت في العراء بذلٍّ واستكانة ..وفكّر بعضهم في مجابهة داعش والوقوف مع الجيش والحشد الشعبي لإثبات ولائه للوطن والتخلص من تهمة الاذعان لداعش او الولاء لها التي التصقت بشريحة كبيرة من سكان المدينة ...
يقول أدولف هتلر " ان الحرب كفتح باب حجرة مظلمة ، لن تعرف ابداً ما الذي سيحصل عند فتحها" وباب تحرير الموصل الموارب منذ سقوطها بصفقة سياسية داخلية قذرة سيفتح على مصراعيه ،وقد يكون تحريرها من داعش صفقة سياسية ايضا لكنها خارجية هذه المرة ، فورقة داعش لابد ان تحترق في العراق لتبدأ سيناريوهات جديدة أكثر دسماً وإغراءً ، او تقوم حرب حقيقية بين الارهاب والجيش الذي سيحتاج الى إسناد كبير من مختلف الفصائل القتالية العراقية ومن الشعب ايضا ...ووسط لعبة الموت هذه ، يتواصل ارتفاع أعداد النازحين من الموصل ليضاف الى ثلاثة ملايين نازح آخرين من الانبار والمناطق الاخرى بينما تقف الحكومة عاجزة عن ادارة ازمة النزوح بنجاح فهناك ما يشغلها عنها ..مفاجآت مجلس النواب التي لا تنتهي والخلافات بين الكتل والثارات القديمة والخصومات الجديدة التي فجّرها استجواب العبيدي ..
.وبينما يعاني النازحون من اسوأ ظروف المعيشة ، لا يتخلّى المسؤولون مهما كانت فضائحهم عن امتيازاتهم ورخاء عيشهم ...وتستمر المهزلة !!