يكتب لي العديد من القرّاء الأعزاء معاتبين مستغربين من إصراري على متابعة يوميات الساسة العراقيين، البعض منهم يقول يارجل: ألا تشعر بالملل ، سؤال وجيه حتماً، وجوابه يجب أن يكون أكثر وجاهة، فأنا ياسادة ياكرام كاتب يبحث عن الجديد والغريب في عالم الديمقراطية العراقية المثيرة، ورغم أنّ البعض منكم يرى "بطراً" في مثل هذه المتابعات، لكني أحاول أن أنقل لكم آخر أخبار البلاد التي تحولت من دولة مؤسسات الى قبائل ومناطق ومذاهب، أقرأ في أحيان كثيرة في كتب السياسة ، وأُتابع على قدر طاقتي ما يجري في بلدان العالم التي طوت صفحة الجهل والتخلف، لكني أقف عاجزاً عن فهم طبيعة ما يجري في العراق، رئيس الجمهورية صامت، رئيس الوزراء محلّك سِرْ بالإصلاح، البرلمان قدّم أسوأ نموذج للعروض الطائفية، وأصرّ أعضاؤه على إعادة العراق إلى النظام القبلي، بعد ان اعتقدنا أننا تجاوزنا مرحلة شيوخ " التسعينيات! "
ماذا نقرأ في الصحف ياسادة، رئيس البرلمان الحاصل على دكتوراه في القانون، يستعين بقبيلته التي أصدرت بياناً نارياً ، حذرت فيه من أنها ستتخذ موقفاً حاسماً من جميع الذين يتعرضون لابنها البار سليم الجبوري ، رافضةً المساس بكرسيّه. قبيلة العبَيد تعقد مؤتمراً " طارئاً " في فندق المنصور ميليا يخرج بنتائج حاسمة، طرد الصحفيين باعتبارهم ينافسون ابنهم وزير الدفاع على منصبه، والإعلان عن حالة الطوارئ القصوى بين أفراد القبيلة ، حتى تنتهي أزمة السيد خالد العبيدي.
لا تبتئسوا فهناك خبر مفرح آخر: عشائر الكرابلة أعلنت النفير العام،لأن أبناءها جمال الكربولي والشقيق الوزير أحمد الكربولي والشقيق الآخر النائب محمد الكربولي يتعرّضون لحملة "ظالمة" بسبب "مواقفهم الوطنية الشجاعة، ولم ينسَ مجلس الكرابلة أن يحذّرنا من خسارة هؤلاء الساسة " الأفذاذ "، لكنهم للأسف في زحمة التصريحات المتوالية أُفقياً وعمودياً، نسوا أو تناسوا قضية الهلال الأحمر ومابعدها ما جرى من صفقات على حساب استقرار البلاد.
ماذا تعني الديمقراطية في بلد يلجأ كلّ مسؤول فيه إلى أهله وعشيرته وأقربائه، لكنه في الفضائيات يصدح بأفخم العبارات عن الدولة المدنيّة والمواطنة؟. في كل يوم يسيء ساستنا الى الديمقراطية، عندما يعتقدون أنها تعني بناء دولة القبائل والاحزاب المتصارعة والطوائف المتقاتلة.
يا سادتنا أبناء قبائل الجبور والعبيد والكرابلة ، وبعد أن رفعتم شعار " الحفاظ على كراسي أبنائنا ، أو الموت الزؤام "، أرجو من حضراتكم أن تتركونا في حالنا، وإذا كان هذا هو مفهوم الديمقراطية لدى قبائلكم، فالله المستعان، لانريدها، وإذا كانت الديمقراطية مستمدّة من مؤتمرات المؤازرة، فأرجوكم اعفونا من الدخول في نعيمها.
الجبور غاضبون، العبيد ينتقمون، الكرابلة يحذِّرون
[post-views]
نشر في: 8 أغسطس, 2016: 07:06 ص
جميع التعليقات 3
محمد سعيد
لا عجب او غرابه يا اخي الكاتب من كل ما يحصل . ففي العراق لم تولد وتتراكم طبقه سياسيه مهنيه نافذه , بل جل ما حل في البلد شخصيات بعضها لامع في القول وبعيدا عن الفعل والكثرة عباقرة في الانتهازية , لذا ظل البلد عبر تاريخه الطويل غبر قادر في ان
سعيد فرحان
الم نقل لكم ان الديمقراطية اذا طبقت على الشعوب المتخلفة التي لا زالت في عصور البداوة تنقلب الى وبال كبير ويصبح شرها مستطيرً افلا تتعظون .
saad alwan
اريد ان تعرف حقيقة استاذ علي حسين على ان مواقف القبائل والعشائر ايظا تشترى بالمال القذر . فزعيم القبيلة وشيخها ممكن اغراءه وشراء ذمته بالمال وهذا من فضائل النظام الجديد وشكرا .