لم يَعد العمل في أجواء الرياضة العراقية وخاصة في الدورة الحالية للمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية يتحمّل المزيد من الصبر على الأخطاء الفادحة والمناورات في وصف الأحداث لتفادي الفضيحة ودفع الاتهامات بأية وسيلة حتى لو اقتضى تحميل أطراف أخرى عبر تصريحات منسوبة لشخصيات تتحمّل مسؤولية جسيمة في القيادة الأولمبية لا همّ لها سوى الظهور أمام وسائل الإعلام بوداعة وبراءة وهي تتنصل من تبعات نيران أية مشكلة إذا ما شعرت بخطر الاحتراق!
فما حصل لطبيب البعثة الأولمبية لدورة ريو الدكتور غالب الموسوي من إبعاد قسري عن مقر البعثة في الأيام القليلة الماضية بذريعة وجود خلافات مُسبقة مع مدرب المنتخب الأولمبي عبدالغني شهد أدّت الى إقصائه من المهمة لا يجوز السكوت عليه وتمييعه بتصريح رسمي حتى لو صدر من رئيس البعثة سرمد عبدالإله الذي أثار الاستغراب برميه الكرة في ملعب المدرب بقوله ( طلب الدكتور غالب أن يكون ضمن الأسماء السبعة الموجودة في لائحة المباراة مما يتعارض مع الواجبات الفنية التي وضعها المدرب شهد لبقية اعضاء الملاك الفني وهو ما سبب امتعاضاً لدى طبيب البعثة الذي دخل في خلاف مع المدرب كان قد بدأ قبل ثلاثة أيام من المباراة جرّاء عدم تنفيذه الواجبات المحددة له من قبل الملاك الفني ما اضطر إدارة البعثة الى سحب الاعتماد المخصص له والطلب منه العودة الى بغداد )!
هذا التبرير لا يرتقي مطلقاً الى أهمية الواجب المناط برئيس البعثة لكونه مسؤولاً عن كل صغائر الأمور التي تجري في مقر إقامة أعضاء البعثة، فما بالنا بوجود خلافات مُسبقة بين المدرب والطبيب، ترى ماذا كان ينتظر عبدالإله وهو يعلم أهمية وجود الطبيب بالنسبة لجميع الرياضيين وليس للاعب كرة القدم، وكيف تفرّج على الأزمة ولم يئدُها قبل أن تطيح بالطبيب ويضطر – كما يصف - الى سحب اعتماده ويبلغه بالعودة الى بغداد؟
المشكلة الرئيسية التي لم ينتبه اليها رئيس البعثة في سياق تصريحه أنه سلّم الصاية الى المدرب عبدالغني شهد في تحديد من يبقى الى جواره على دكة الاحتياط، وإذا سلمنا بصحة هذا الإجراء على اساس انه مدروس ، ما الأهمية القصوى للمساعدين حبيب جعفر وحيدر جبار في وجودهما بالقرب من حيدر نجم وصالح حميد اللذين يستشيرهما شهد في شؤون المنتخب في حلول تكتيكية محدودة طوال الدقائق التسعين ؟ ألم يكن حيدر جبار جليس مقاعد المتفرجين في بطولة آسيا تحت 23 عاماً التي ضيفتها الدوحة كانون الثاني الماضي، أية صلاحية هذه يتمتع بها شهد تجيز له تفضيل مدربين مساعدين على طبيب متمرّس رافقه طوال رحلته الأوروبية وبإمكان المدربين أن يؤديا واجباتهما في الوحدات التدريبية أما الطبيب فلا توجد منتخبات تفرّط به وتكتفي بالمعالج الذي مهما يمتلك من خبرة لا يمكنه تحديد مدى خطورة إصابة اللاعب في استمراره باللعب أم إخراجه لتقليل الضغط عليه وضمان استشفائه في وقت مناسب؟
هناك حالات كثيرة شهدتها مسيرة المنتخبات الوطنية كانت قرارات الأطباء المرافقين لها حاسمة ومؤثرة لحماية اللاعبين وتأهيلهم لكسب نتائج المباريات وإحراز الألقاب وما الموسوي إلا جزءٌ مهم من تاريخ كرتنا محلياً ودولياً ويدين له اتحاد كرة القدم على مدى مجالسه السابقة بالخدمة المشرّفة مع قائمة طويلة من زملائه الأطباء.
من المؤسف أن هروب رئيس البعثة بجلده وعدم تحمّله المسؤولية للتدخل بقرار يحمي الدكتور غالب الموسوي من التصادم مع المدرب عبدالغني شهد لم يُثر رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي المتواجد في القرية الأولمبية ويدعوه الى فتح تحقيق عادل وألا يكتفي بتبريرات رئيس البعثة، فمثلما المدير الفني مسؤول أول عن الملاك التدريبي بكل حيثياته، فالطبيب مسؤول أولاً ضمن تخصصه عن سلامة وصحة المنضوين للبعثة، ومدرب الحراس مسؤول أولاً عن الحراس ولا مشتركات بين الثلاثة غير التنسيق لاعتماد افضل السُبل لاختيار الأصلح في تمثيل الكرة العراقية، أما مَنْ يحتكم لمَنْ ، ومَنْ يقرر بقاء مَنْ ، ومَنْ يؤتمر بأوامر مَنْ ، كل ذلك يعود الى شخصية ودراية وكفاءة رئيس البعثة الذي يجب أن يأخذ على عاتقه أنه مسؤول الجميع ولا ينحاز عاطفياً أو مهنياً لأي عضو في البعثة مهما كانت أهميته، ويحرص على بسط الاستقرار والتعاون من أجل إنجاح مشاركة الأولمبي لكونها محط انظار البعثات المتواجدة في الدورة ووسائل الإعلام العالمية التي تحاول بعضها أن تقتنص أية هفوة لتسيء الى سمعة الرياضة العراقية.
هروب رئيس البعثة !
[post-views]
نشر في: 9 أغسطس, 2016: 04:09 ص