اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بغياب القانون والملاحقة ... شركات وهمية تتربص بالمواطنين

بغياب القانون والملاحقة ... شركات وهمية تتربص بالمواطنين

نشر في: 13 أغسطس, 2016: 12:01 ص

كبقية الشباب ، يتجول أحمد يومياً للبحث عن عمل يلائم تخصصه الجامعي، لكنه غالباً ما يعود بخفّي حنين او وعد من قبل البعض ممن يطلبون منه ترك رقم هاتفه من أجل الاتصال به في حال توفر فرصة عمل. ذات يوم وهو يتجول في شارع فلسطين لفت نظره إعلان أنيق يبشر بفرص

كبقية الشباب ، يتجول أحمد يومياً للبحث عن عمل يلائم تخصصه الجامعي، لكنه غالباً ما يعود بخفّي حنين او وعد من قبل البعض ممن يطلبون منه ترك رقم هاتفه من أجل الاتصال به في حال توفر فرصة عمل. ذات يوم وهو يتجول في شارع فلسطين لفت نظره إعلان أنيق يبشر بفرص عمل شبابية، أخذ العنوان على عجل واتجه نحوه، بيت في منطقة المهندسين تعلوه لافتة كتب عليها اسم الشركة وأرقام هواتف وموقعها على الانترنيت وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. دخل أحمد الى البيت : استعلامات أولى من ثم سكرتيرة وبعض الشباب يجلسون في صالة الانتظار لإجراء المقابلة مثلما أخبروه بذلك. بعد دقائق أعطته السكرتيرة استمارة معلومات، عليه ان يأتي بها في اليوم الثاني مع المستمسكات الأربعة ونسخة من الشهادة الجامعية. على وجه العجلة عاد في اليوم الثاني حيث وجد عدد الشباب أكثر، سلّم السكرتيرة الاستمارة التي طلبت منه تدوين رقم هاتفه فيها، وسوف نتصل بك قريباً.

السكرتيرة و1000 دولار
يكمل الشاب أحمد حكايته مع هذه الشركة قائلا: بعد يومين جاءني اتصال، كانت السكرتيرة على الخط الثاني حيث أخبرتني ان عدد المقدمين كبير جداً وان فرص العمل محدودة لكني يمكنني ان اساعدك بالحصول على العمل. مضيفاً: تم الاتفاق على إعطائها (1000) دولار لتقديم اسمي، حيث اتفقنا على مكان تسليم المبلغ الذي كان كوفي شوب في منطقة الكرادة. متابعاً: بعد ان تسلمت المبلغ سلمتني وصلاً بالمبلغ وأخبرتني انه سيتم الاتصال بي بعد اسبوع.
استطرد احمد: انتظرت الاتصال بفارغ الصبر، لكن الأيام مضت والأسبوع الأول انتهى وتلاه اسبوع آخر وما من اتصال. مردفاً: حاولت الاتصال بالسكرتيرة اكثر من مرة لكن الهاتف كان مغلقاً. لم يبق أمامي سوى التوجه صوب مقر الشركة، لتأتي الصدمة الكبرى : الشرطة تطوق المكان وعشرات الشباب يضربون كفاً بكف، فقد تبين انها شركة وهمية تدار من قبل أشقاء السكرتيرة وابن عمهم.

يبيع حلي زوجته
هكذا انتهى حلم احمد والعديد من الشباب الباحثين عن عمل، منهم من استدان المبلغ وآخر اضطر لبيع بعض الحاجيات ومنهم الشاب "همام حسن" الذي بيّن ان والدته استدانت المبلغ من شقيقتها ووعدتها انها ستعيد المبلغ على دفعتين من مرتّب همام الموعود. فيما اضطر "مفيد" الى بيع بعض حلي زوجته الذهبية. حكايات النصب والاحتيال لم تتوقف عند حد في العراق في ظل غياب الملاحقة القانونية والتشدد بفرض الإجراءات ان كانت في تأجير الدور والشقق السكنية التي تتخذها هذه الشركات الوهمية او من خلال متابعتهم ورصدهم لكن للأسف دائماً ما يقع المواطن ضحية لهذه الشركات التي أخدت تنتشر وتتوسع ومنها من اتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي طريقاً للنصب والاحتيال على الناس.

بيض مائدة بـ 100 مليون دينار
حكاية اخرى اكثر غرابة واحتيالاً، شركة لبيع بيض المائدة المستورد من دولة اوكرانيا، رئيسها شاب عراقي طموح حالفه الحظ بالحصول على إقامة في تلك الدولة بعد ان ذهب للدراسة عندما اكمل الدراسة الإعدادية وهو مايزال في العقد الثاني من العمر، ساعده وضع العائلة المادي في الحصول على عقود استيراد بيض المائدة. عبر صفحة الشركة في موقع التواصل الاجتماعي طلب منهم بضاعة تقدر بـ
(100) مليون دينار لتجهيز أحد الأسواق التجارية حسبما قيل في المخاطبة. ويضيف احد العاملين بالشركة: ذهبت الى مقر الشركة الواقع في منطقة الكسرة من أجل إبرام عقد حسبما طلب المدير المالي للشركة، الذي استقبلني في بيت مؤثث بشكل أنيق جداً وعرّفني على مدير الشركة الذي كان يرتدي الزي العربي. مضيفا: كان العقد الاول بيض مائدة بقيمة (25) مليون دينار عراقي، بعد التجهيز تسلمت المبلغ عداً ونقداً ماطمأنني على ان الشركة ليست وهمية. مسترسلاً: في الصفقة الثانية طلبوا تجهيزهم ببضاعة اكبر وفعلاً تم ذلك وكانت بـ(150) مليون دينار، تسلمنا المقدم (50) مليوناً والباقي كان عند التسليم، وفعلا تسلمته بصك لكن تبين انه بدون رصيد بعد مراجعة المصرف. مثلما أغلقت الهواتف واختفت الشركة بلمح البصر وضاعت (100) مليون دينار. .

مواد مسروقة تباع بالتقسيط
قصص كثيرة يرويها الناس الذين تعرضوا الى النصب والاحتيال من قبل شركات وهمية انتشرت في الآونة الأخيرة تختفي فجأة دون ان تترك أثراً ، لكنها في الغالب تترك عشرات الضحايا من محدودي الدخل وموظفين وبعض التجار الصغار اذ  تقدم هذه الشركات مغريات ربحية تجعل البعض يسارعون للمتاجرة فيها دون الاهتمام بمدى مصداقية تلك الشركات أو عدمها. تقول "نغم حازم" – موظفة - في حديثها لـ(المدى): فجأة شاهدنا في منطقتنا قطعة معلقة فوق أحد المحال التجارية التي شيدت حديثاً تعلن عن بيع أثاث ومفروشات بالتقسيط المريح لكل المواطنين. مضيفة: فعلا ذهبنا وشاهدنا البضاعة وكانت عبارة عن أجهزة كهربائية مختلفة وأجهزة موبايلات جميعها جديدة وغير مستعملة وهناك من قام بالشراء ودفع نصف المبلغ واستمرت الشركة او المحل لما يقارب الشهرين. متابعة: وبعد غلق لمدة اسبوع تقريباً جاءت القوات الأمنية وكسرت المحل لإخراج البضاعة التي تبين ان جزءاً منها مسروق وآخر تم النصب فيه على شركة استيراد وتصدير .

أصحاب الأملاك جزء من السبب
استرسلت نغم: بعد معرفة التفاصيل تبين ان صاحب الشركة قد تسلم مبالغ من بعض المواطنين في المنطقة بذريعة تشغليها لهم في مشروعه البيع بالتقسيط. مبينة: ان بعضهم اعطاه (100000) دولار وآخر (50000) وثالث قرابة (10) ملايين دينار. موضحة: ان اغلبهم توجه الى القضاء عسى ان يسترد اي مبلغ. منوهة: ان السبب الاول في زيادة عمليات النصب والاحتيال على الناس هم أصحاب الأملاك حين يقومون بتأجير دورهم وشققهم دون أخذ ضمانات كاملة من المستأجر الذي غالباً ما يدفع إيجار اكثر من ثلاثة اشهر.  

إجراءات تسجيل العقود
وفيما يخص تأجير الدور والشقق السكنية لهذه الشركات، أشار المشاور القانوني "محمد العطواني" في حديثه لـ(المدى): ان هناك خللاً كبيراً في إجراءات تسجيل الدور والمباني. متابعاً: حيث لا يعود المؤجر الى مركز الشرطة لتسجيل البيانات الخاصة للمؤجرين انما يكتفي بعقد مع مكتب الدلالية. مستطرداً: وأحياناً بعيداً عن المكاتب العقارية حتى لايدفع أجرة العقد المبرم وفي هذه الحالة فإن البيانات المسجلة قد لاتكون صحيحة. لافتاً الى ان الشركات الوهمية بطبيعة الأحوال تدفع مبالغ مالية كبيرة للمستأجر وبذلك لايهتمون لبياناتهم او حتى التأكد من صحتها.

التأكد قبل الدفع
الاعلانات البراقة والإغراءات الكثيرة التي تقدمها هذه الشركات توقع الكثير من المواطنين في فخاخها. عن ذلك قال المحامي "علي السعيدي" في حديثه لـ(المدى):  يجب على المواطنين  توخي الحذر عند التعامل مع هذه الشركات ان كانت مسجلة ولديها شهادة غرفة التجارة ، فربما تكون مزورة لغرض إيهام الناس او تلك الغير مسجلة وفي كلا الأمرين يجب التريث. مسترسلاً: بعض الشركات منها المسجلة لاتمتلك مقرات ثابتة او مكاتب معلنة لتهرب من الضرائب او افتقارها لرؤوس الأموال ومنها شركات بيع السيارات بالتقسيط. مشددا: ان على المواطن أن يضمن استلام السيارة من الشركة قبل البدء بدفع المقدمة والأقساط  والتاكد من تسجيلها في المرور العامة وفق الشروط والاصول القانونية وغير مستبعد تورط بعض المسؤولين بهذه الشركات او تسهيل الدعم لها.

التوعية الإعلامية وكشف الأساليب
وبشأن شركات تشغيل الايدي العاملة قال السعيدي: هذه الشركات تستهلك أموال الشعب وبشكل فظيع. عازيا سبب ذلك الى البطالة المستشرية، وعدم وجود وسائل الإيضاح الفكرية والثقافية لتوجيه الشباب الذين يقبلون على هذه الشركات. مشيرا الى ضرورة التعاون مع وسائل الإعلام لتوعيتهم وكشف اساليب هذه الشركات من اجل عدم الانجرار وراء المغريات والاحلام الكاذبة بالحصول على فرص عمل مقابل ارسال مبلغ من المال. مردفا: الا ان ما يؤسف له ان الكثير من خريجي الجامعات والمعاهد يكونون بين ضحايا هذه الشركات التي تعدهم بفرص عمل نادرة ومرتبات عالية.

القانون لايحمي المغفلين
وبشأن ما اذا كانت هناك دعوى بهذا الموضوع قال المحامي: هناك دعوى في محكمة بداءة الكرخ  على شركة كانت تعلن عن توظيف وتوفير فرص عمل، لها مقر رسمي في منطقة المنصور وتستقبل العشرات من الشباب ومن كلا الجنسين. منوها: ان الراغبين بالعمل يدفعون خمسين الف دينار لقاء الحصول على استمارة التعيين. لافتاً: اثناء ذلك يأتي بعض الشباب ويقدمون الشكر لموظفي الشركة لحصولهم على فرصة عمل وراتب جيد من اجل ايهام الآخرين بالأمر. مؤكدا: ان القضية مازالت مفتوحة لأن العصابة هربت والدعاوى ضد مجهول ولاعنوان ثابتا لإلقاء القبض عليهم. منوها: الا ان القانون لايحمي المغفلين حيث لا تتمكن السلطات في اغلب الأحيان من استرداد الأموال التي نهبت من من قبل هذه الشركات.

ملاحقة الجهات الأمنية
النائبة عن لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية  "نجيبة نجيب" ذكرت بحديثها لـ(المدى): الشركات الوهمية تؤذي الاقتصاد العراقي بشكل عام وتستنفد اموال الناس الفقراء الذين يطمحون بالحصول على مورد مادي ثابت ومحدود. مشددة: لابد من التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة والمواطنين انفسهم بالإبلاغ عن هذه الشركات ومقراتها وعدم السماح لهم بمزاولة نشاطهم وسرقة اموال الناس.
واكدت نجيب على اهمية الاستمرار بالبحث والقاء القبض عليهم وتطبيق العقوبات ضدهم حتى يكونوا مثالا لكل من يحاول استغلال حاجة الشباب الى وظيفة. مردفة: على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العمل للحد من انتشار البطالة التي هي السبب الرئيسي لدفع الشباب ومن كلا الجنسين بالتصديق بالشركات الوهمية رغبة بالحصول على وظيفة بالتالي تضيع اموالهم وتهدر جهودهم.

التوظيف الإلكتروني
"برق قاسم" خريج كلية الآداب قال في حديثه لـ(المدى): الوضع الاقتصادي صعب والعمل في الشارع بسيارة اجرة وسط هذا الوضع الأمني يحطم الأعصاب. مضيفا: نصحني احد الركاب الذي استأجرني لنقله من منطقة الكرادة الى زيونة بمتابعة صفحة احدى الشركات على الفيسبوك بعد ان زودني باسمها.  متابعا: عندما عدت الى البيت بحثت عن الصفحة فوجدتها تعلن عن عشرات الدرجات الوظيفية وضعت رقم هاتفي واسمي وبعد ايام اتصل بي شخص وطلب مقابلتي.

سكرتيرات جميلات
وأردف قاسم: ذهبت الى مقر الشركة في منطقة زيونة، ثمة عدد من الفتيات اللواتي يرتدين ملابس انيفة متشابهة كالمضيفات طلبوا مني املاء استمارة ودفع مبلغ (25) الف دينار واحضار مبلغ (250) دولارا عند تحديد موعد المقابلة والمباشرة بالوظيفة في اليوم التالي مباشرة. مبينا: تمت الامور بشكل سلس رغم وجود  الكثير من الشباب ولكلا الجنسين يرومون التعيين اذ كان موظفو الشركة يعملون بشفتين صباحي ومسائي وكانوا يستقبلون طلبات التعيين بشكل لايمكن ان يصدق وهناك من يدفع المبلغ مقدما واحيانا اكثر ليضمن حصوله على وظيفة. موضحا: اخذونا الى شركة اكبر على انها مكان العمل وتم اختبارنا ببعض الامور واعلن عن تسلمنا العمل الذي استمر لمدة شهر تقريبا. مستطردا: وعندما حان وقت استلام الراتب الذي سبقته عطلة اربعينية الإمام الحسين وجدنا الشركة الصغيرة مغلقة والكبيرة مغلقة والحارس يقول ان عليهم ديونا لمدة شهرين وسوف يتصل بالشرطة كي يلقوا القبض علينا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram